قصة الحَطَّابْ والرَجُلُ العَجوزُ

قصة  الحَطَّابْ والرَجُلُ العَجوزُ

مقتبسة من القصة الشعبية  العربية – الحطاب الصدوق- بتصرف.

يُحْكَي أَنَّ رَجُلاً فَقيراً  كان يَعْمَلُ في جَمْعِ الحَطَبِ، يَحْمِلُ  فأسه ويَذْهَبُ إلَي مَكانٍ فيهِ أَشْجار كثيرة، فيقومُ بقطعِ الفروعِ الصَّغيرةِ الذَّابلةِ، ثم حَمْلِها على ظهرهِ ليبيعها فيسنتفع بها الناس، لا سيما أنَّ طَهْيَ الطَّعامِ قَديماً والتدفئة كانَت عن طريق حرق فروع الأشجار، ويسمى من يقوم بهذا العمل بالحطَّابْ .

كان هذا الرجل مجدا في عمله، مشهور بالورع والصدق والخلق الرفيع، وأثناء ذهابه لجمع الحطب ذات يومٍ  رأَي شيخاً عجوزاً يجلس علي صخرة.

 وحين لمحه العجوز قال:” أكاد أهلك من العطش، أرجوك.. أنقذني أريد أن أشرب ماءً”.

أسرع الحطاب وأحضر بعض الماء، وبعد أن شرب العجوز وارتوي قال للحطاب:” إنك إنسان طيب، ولهذا سأعطيك بقرةً حلوباً يحلب أحد ضرعيها لبنا والآخر عسلا لكي تبيعه وتستفيد منه، وهذا أريح لك وأوفر رزقا من بيع الحطب.

ذهب الحَطَّابُ بهذه البقرة إلي رجل صاحب مواشي عنده حظيرة كبيرة، وقال له إن هذه البقرة لها مواصفات كذا وكذا وأرجو أن تدعها تعيش مع الأبقار في حظيرتك على أن يكون لك نصيب اللبن ونصيبي العسل كل يوم، فوافق الرجل.

 وفي اليوم التالي ذهب الرجل ليحلبها وينال حصته العسل فقال له الرجل:” لقد ماتت بقرتك، ووضع بقرة ميتة تشببها مكانها”.

عاد الرجل للعمل بقطع الأشجار ثانية، فقابل الرجل العجوز فسأله عن حاله، فحكى له القصة فقال له:” لا عليك، وأعطاه مكيالا يمتليء بالحبوب  كلما  طلب منه ذلك”.

لما عاد الرجل إلى منزله وأخبر زوجته بذلك، ذهبت إلى جارتها على الفور وأخبرتها بأن زوجها قد رزق بمكيال سحري، وسوف بتغير حالهم  إلى الأحسن إن شاء الله، وستعينها هي الأخرى.

فقامت جارتهم بادعاء عراكٍ لها مع بعض الجيران، فخرج الحطاب وزوجته فتسلل زوج الجارة إلى منزلهم وسرق الميكال السحري الذي أخبرته عنه زوجته.

عاد الحطاب إلى عمله  بجمع الحطب ثانية فقابله العجوز فقال له:” لماذا عدت ثانية لجمع الحطب”، فأخبره الحطاب أنه لم يجده في مكانه الذي وضعه به في البيت.

قال له الشيخ:” سأعطيك للمرة الأخيرة جوهرة ثمينة، هذه الجوهرة حين تسألها عن شيء مفقود لك ستدلك على مكانه، وأرجو ان تحافظ عليها”.

عاد  الحطاب بالجوهرة إلي زوجته ففرحت كثيرا، ثم سألا الجوهرة عن مكان المكيال فقالت:” بأن المكيال عند جارتهم ووصفت لهما المكان بالضبط”.

قال الحطاب: ولكن كيف نعيده منها؟

قالت زوجته: لا عليك.. هذا دوري.

ثم طرقت باب الجارة ففتحت لها الباب، فقالت لها هل تسمحين لي بالدخول ؟

فسمحت لها وبمجرد أن دخلت للمنزل أسرعتْ وأخرجت المكيال من  مكانه، وقالت للجارة: أليس هذا مكيالنا؟، فلم تجد الجارة ما تقوله لقبح فعلها.

وعاد المكيال للحطاب ولكن هذه المرة تعلم أن يحافظ عليه ولم يعد يتحدث عنه لأحد، ويحتفظ به في مكان أمين.

وسأل الجوهرة عن مكان البقرة التي أعطاها لصاحب الحظيرة فأخبرته بمكانها بالضبط.

فذهب إلى صاحب الحظيرة وقال له:” أريد ان اشتري منك بقرةً  تعطي لبنا وفيراً” .

فقال له الرجل ادخل واختر  ما شئت من الماشية، فدخل الحَطَّابُ علي الفور  واختار  البقرة التي كانت معه، فتلعثم الرجل، ثم قام  الحطاب بحلبها سريعا، فأخرجت له لبنا من أحد ضرعيها، ومن الضرع الآخر عسلا.

قال له:” أليست هذه بقرتي التي قلت إنها قد ماتت ؟” فلم ينطق الرجل ببنت شفة.

فأخذها الحطاب وانصرف، وأصبح المكيال السحري يعطيه ما يحتاج إليه من حبوب لطعامه ولطعام بقرته وأصبحت البقرة تعطيه لبنا وعسلا يأخذ ما يحتاجه ويبيع ما يفيض عنه حتى غدا ميسور الحال، لكنه لم ينس إكرام جيرانه وأقاربه ومساعدة كل محتاج يقصده، حتى جارتهم لأنه كلما قصدته تذكر قوله تعالى:” وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” {سورة آل عمران/ الآية:134}.

520 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *