قواعد الحجر الصحي من الهدي النبوي

قواعد الحجر الصحي من الهدي النبوي

اجتاح فيروس كوفيد-19 العالم بأسره، فانطلاقا من مدينة ووهان الصينية مركز ظهوره وصل إلى كل أصقاع الأرض فهو سريع الانتشار وقد يفضي إلى الوفاة في حالات كثيرة، مما خلق موجة ذعر للبشرية جمعاء.

رغم كل الاجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية إلا أن خطر هذا الفيروس المميت مازال قائما، فكيف للانسان عموما وللمسلم تحديدا أن يواجه هذه الجائحة؟

إن أراد أي فرد النجاة فعليه أن يعرض ما يجده من مفاهيم أو خطط علمية وعملية على هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم فإن وافقه اتبعه وإن خالفه فعليه تركه والابتعاد عنه لأنه عليه الصلاة والسلام أعلم بحقيقة الأشياء وعلى بصيرة من وحي رباني منزه عن الخطأ تجاوز كل العلوم والمعارف دقة ووضوحا وشمولية.

وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهم القواعد في الحياة ومواجهة متاعبها، ومنها قواعد الحجر الصحي تفاديا لانتشار الأويئة والمراض والفتك بالمجتمعات.

الحد من نشر الوباء: قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض فلا تخرجوا منها فراراً منه) رواه الشيخان.

ولم يكتف بالمنع ترهيبا بل رغب فيه ووضع له حوافز وجوائز وجعل لكل عمل جزاء قد يرقى لدرجة نيل الشهادة، إذ قال عليه الصلاة والسلام: (الفار من الطاعون كالفار من الزحف ومن صبر فيه كان له أجر شهيد) رواه أحمد.

فالمسلم لا يهرب من مكان انتشار الوباء ولا يرتحل إليه امتثالا وطاعة لامر نبي الحكمة عليه الصلاة والسلام وفي ذلك حفاظ على الحياة، وحتى لا يختلط بالأصحاء ويتسبب في أذيتهم.

وبهذا امتثل الصحابة رضي الله عنهم، فقد روى البخاري في صحيحه موقف الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حين خرج إلى الشام، فلما وصل إلى منطقة قريبة منها يقال لها “سرغ”، بالقرب من اليرموك ، لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه رضوان الله عليهم، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام، فقال عمر ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم حول الدخول لأرض انتشر بها الوباء،فاختلفوا ،فقال بعضهم : قد خرجتَ لأمر ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم : معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى أن تُقْدِمَهم على هذا الوباء ، فقال : ارتفعوا عني ، ثم قال : ادعوا لي الأنصار ، فدعاهم فاستشارهم ، فسلكوا سبيل المهاجرين ، واختلفوا كاختلافهم ، فقال : ارتفعوا عني ، ثم قال : ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح ، فدعاهم فلم يختلف منهم عليه رجلان ، فقالوا : نرى أن ترجع بالناس ولا تُقْدِمَهم على هذا الوباء ، فنادى عمر في الناس إني مُصَبِّحٌ على ظَهْرٍ فأَصْبِحوا عليه ، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفراراً من قدر الله ؟ فقال عمر لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة نعم ، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله، أرأيتَ لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة ، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله ، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ؟ قال : فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته ، فقال : إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ) قال : فحمد الله عمر ثم انصرف .

وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفنى أمتي إلا بالطعن والطاعون ، قلت : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال : غدة كغدة البعير ، المقيم بها كالشهيد ، والفار منها كالفار من الزحف ).

وعليه فالتزام المسلم لهذه القواعد لا يكون من أجل وقايته فحسب بل لسلامة غيره من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وهذه عبادة حقيقية بطاعة نبيه عليه الصلاة والسلام والأخذ بوصاياه.

514 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *