مصطلحات تربوية الجزء الرابع

مصطلحات تربوية الجزء الرابع

هذا مقال من سلسلة مقالات تربوية تنشر حصريا بالتعاون مع موقع معين المعرفة والكاتب الدكتورمحمد بنعمر، جميع الحقوق محفوظة (يحظر نسخ المحتوى ونشرها على مواقع أخرى أو طباعتها دون وضع رابط المقالة و الكاتب).

التربية       علوم التربية      البيداغوجيا              الديداكتيك

تعريف التربية

إن اكبر إشكال ابستمولوجي في علوم التربية يكمن أساسا في إشكالية التعريف والتحديد للمفاهيم التربوية ،بحيث اختلفت التحديدات، وتعددت التعريفات ،وتباينت المقاربات للمصطلح التربوي ،وهذا يعود إلى تعدد المدارس التربوية في اختياراتها وتوجهاتها ونزوعها الفلسفي في مقاربة الظاهرة التربوية ،إضافة إلى الامتداد التاريخي الطويل الذي مرت منه التربية وقطعته علومها إلى انتهت واستقرت علما مخصوصا بذاته له موضوعه ومناهجه.

ونظرا لأهمية المفاهيم والمصطلحات التي تنتمي  الى  علوم التربية ، فقد صرح  الأستاذ احمد اوزي بأنه:”لا تستقيم علوم التربية ،ولا تغدو معارفها واضحة لذا مكتسبها دون وضوح مصلحاتها …”.[1] لان خلط المفاهيم  والتباسها على الباحث اضر للعلوم ،وقديما قال ابن حزم:”فلاشيء اضر للعلوم من تخليط الأسماء الواقعة على المعاني…”.[2]

ما يعني صراحة أن المدخل المفهومي هو المدخل الأساسي للولوج إلى ضبط المفاهيم المستعملة والمتداولة في التربية وفي علومها . 

-تعريف التربية لغة واصطلاحا :

لابد من الإشارة في البداية أن مصطلح التربية من أكثر المصطلحات تداولا و استخداما وشيوعا بين الباحثين والدارسين والمتدخلين في العملية التربوية والتعليمية، لكنه مع هذا فان هذا المفهوم يعد من أكثر المفاهيم استشكالا في التحديد والمقاربة والبيان والتعيين…..

لان المصلحات الشائعة والذائعة في التداول والاستعمال والاستخدام عادة ما يكتنفها الخفاء في المفهوم، و يعترضها الغموض في التداول والاستعمال..

بل إن اكبر إشكال ابستمولوجي في التربية يكمن  أساسا في  إشكالية التعريف والتحديد لمفهوم التربية،بحيث اختلفت التحديدات، وتعددت التعريفات ،وتباينت المقاربات لمصطلح التربية تبعا لمذهبية المدارس التربوية في اختياراتها وتوجهاتها ورؤاها في مقاربة الظاهرة التربوية،كما ساهم الامتداد التاريخي الطويل الذي مرت منه التربية في هذا الإشكال ، بسبب تداخل عدد من العلوم في اشتعالها  وتواصلها  مع هذا العلم  الجديد المسمى بعلم التربية من جهة أخرى.

-تعريف التربية

وعليه نقول إن التربية في اللغة العربية من فهل ربا يربو بمعنى نما ينمي أي الزيادة ، وهو المعنى  الذي نجده  حاضرا في القرءان الكريم قال سبحانه”فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج”الحج أية 5″، يعني أي نمت وزادت .

و تربية الإنسان تعني تطوير وتنمية قواه النفسية والجسدية والعقلية والخلقية ،والرفع من قدراته ومهاراته ….

كما تعني التربية إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام والكمال، وفي اللغة الفرنسية فالتربية مشتقة من كلمة  éducation  واصلها اللاتيني éducare التي تدل على القيادة  والهيمنة  والإخراج  والتحول من حال إلى أخر، كما تعني العلم المعين على إخراج الطفل من حالته الأولية التي كان عليها في البيت والأسرة ،ومساعدته على تحصيل الفضائل والقيم من المحيط القريب منه ليتيسر له الاندماج في المجتمع…[3].

-المسار والامتداد  لمصطلح التربية

  لقد مارس البشر التربية منذ القديم، وان كانت هذه الممارسة تتميز بالتلقائية وتغلب عليها العفوية والبساطة، ثم أتت مرحلة أخرى أكثر تقدما إذ اندمجت التربية مع الفلسفة كما فعل فلاسفة اليونان الذين جمعوا وادمجوا التربية مع الفلسفة اذ حملت افكارهم الفلسفية لمحات اشارات في التربية ،واحتضنوا البحوث التربوية في سياق اشتغالهم على الفلسفة ، بحيث كانت التربية عند اليونان تركز على تحصيل واكتساب القيم الايجابية للإنسان ،ومده بالأخلاق الحميدة،فالإنسان الفاضل هو ذلك الإنسان الحامل  للمثل والقيم  العليا التي ترضي الإلهة ،ومن الإشارات والأفكار التربوية والنفسية في الفلسفة اليونانية إشارة الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي ذكر أن التربية سلوكا ملازما ومرافقا مع الإنسان منذ ولادته ،بل هي ممتدة ومتعايشة ومستمرة  معه إلى مماته ،بحيث  تكاد تغطي التربية  جميع  ومراحل  الإنسان ، ومما قاله افلاطون في هذا الموضوع :إننا نحتاج  لصناعة رجل خمسين عاما

l faut cinquante ans pour faire un homme[4]

ومن الاشارات التربوية عند افلاطون ان مقياس الذكاء عند الانسان هو التمكن والتميز في الرياضيات ،فالذكي من كان متفوقا في علم الرياضيات.

التربية في التراث الاسلامي

مشاركة علماء الإسلام في هذا العلم  مع تعزيز هذه المشاركة بالمصنفات  والكتب والمؤلفات التي ألفت في هذا العلم. وحضور  علم النفس التربوي  في الفكر التربوي الإسلامي اعتراف  مبدئي صريح بمدى   مساهمة وريادة علماء الإسلام في الاشتغال على الممارسات التربوية وتطوير الفكر التربوي ،وهو ما يؤكد بان التربية  شكلت احد مشاغل واهتمامات علماء الإسلام قديما وحديثا ،فرغم اختلاف  التوجهات  والاختيارات العلمية لعلماء الإسلام، وتعدد تخصصاتهم ومنازعهم المعرفية ،فان حضور الممارسات التربوية ظلت راسخة وحاضرة  ومتأصلة عندهم  بشكل قوي وبحضور كبير.[5]

ومن ابرزهذه المؤلفات الشاهدة على حضور التربية في الإسلام، كتاب”أعلام التربية العربية الإسلامية” وهو موسوعة شاملة وواسعة و ضخمة ، إذ عمل مؤلفوه على استحضار أهم الأعلام والمفكرين التي اشتغلوا على التربية في الحضارة العربية الإسلامية،فهو كتاب حافل وغني بالنصوص والنقول والشواهد والمصنفات والنماذج ،والأعلام الذين ساهموا  بشكل مباشر في تطور الفكر التربوي في جميع أبعاده وجوانبه ومستوياته  ومكوناته  ومؤسساته  .


[1] -المعجم الموسوعي الجديد  لعلوم التربية  لأحمد اوزي:5

[2] -الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم:8/101-نهاية السول لجمال الدين الاسنوي:1/5

[3] -dictionnaire actuel de ledu cation  legendre:56

-8 Platon – Premier théoricien de l’éducation: Georges Minois:- 131-

بحث نشر بمجلة  العلوم الإنسانية-  Sciences Humaines –  الفرنسية  العدد45السنة2016-2017

[5] -التربية الإسلامية :حقيقتها مقاصدها-أهدافها-أعلامها لمحمد بنعمر دراسة  صدرت  ضمن  منشورات أوراق نماء  لبنان السنة :2017.

باقي المواضيع حول : المصطلحات التربوية

415 مشاهدة