مفهوم الطقوس و طقوس العبور

         مفهوم الطقوس و طقوس العبور
          جمع واعداد : مطرف عمر . جامعة تبسة الجزائر
3 – الطقوس :
   يمكن تعريف الطقس على أنه : ” أي تنظيم مركب للنشاط الإنساني ليست له طبيعة فنية أو طبيعية أو ترويجية بارزة ، ويتضمن إستخدام أساليب السلوك التي تتسم بقدرتها على التعبير عن العلاقات الإجتماعية “4
   كما يمكن تعريفها أيضا بأنها : ” إبداعات  ثقافية بالغة الإتقان تقتضي ترابط أفعال و أقوال و تصورات أعداد كبيرة من البشر على إمتداد أجيال عديدة “5

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الحافظ أحمد بن على بن حجر العسقلانى  852م ، فتح البارى في شرح صحيح البخاري ، ج10 ، رقم كتبه 
    وأبوابه وأحاديثه محمد فؤاد عبد الباقى ، وقام بتصحيح تجاربه وتحقيقه محب الدين الخطيب ، وراجعه قصى 
    محب الدين الخطيب ، دار الريان للتراث ، القاهرة ،1986 ، ط1 ، ص353 .
2 صفوت محمد لطفى وأخرون ، FEMALE CIRCUMCISION PROCEDURE ، بحث مقدم للمجلة
    المصررية للجمعية المصرية لأمراض النساء والتوليد ، القاهرة ، العدد 22 ، أكتوبر 1996 ، ص11 
 3 محمد فياض ،  البتر التناسلى للإناث . ختان البنات ،  دار الشروق، القاهرة ، 1998 ، ط1 ، ص 132.
 4 – محمد الخطيب ، الأنثربولوجيا الثقافية ، دارعلاء الدين للنشر والتوزيع و الترجمة ، عمان ، الأردن ، ط2 ، 
    ، 2008 ،  ص59
 5 محمد الخطيب ، الأنثربولوجيا الثقافية ، مرجع نفسه ، ص 60.
    كما تعرف تعرٌف الطقوس على أنها : ” قواعد السلوك التي تصف مايجب أن يكون عليه سلوك الإنسان تجاه الموضوعات المقدسة “1
    وتلعب الطقوس دور إدغام المجتمع في الوحدة الكونية ، بحيث يستمد الطقس قوته من فاعليته الحقيقية و الأمان الذي يمنحه للذات ، والقدرة على تعديل المواقف  من خلال تمتين تماسك الجماعة التي تقيمه “2
  و الطقوس الشعبية تمثل : ” ممارسات الفئات الشعبية في المناسبات و ما يرافقها من تقاليد و معارف و ممارسات و أهازيج ورقص كالأعياد و الخطوبة و الزفاف والختان و الوفاة والحصاد وهي تعكس حياة هذا الشعب أو ذاك “3
 و الطقوس كما يعرفها علماء الأنثربولوجيا الإجتماعية هي : ” مجموعة حركات سلوكية متكررة يتفق عليها أبناء المجتمع و تكون على أنواع و أشكال مختلفة تتناسب والغاية التي دفعت الفاعل الإجتماعي أو الجماعة للقيام بها “4
ــــــــــــــــــــــــ
1 – محمد الخطيب ، الأنثربولوجيا الثقافية ، مرجع نفسه ، ص63
2 – فيليب لابورث و جان بيار فارنييه ، إثنولوجيا وأنثربولوجيا . مرجع سابق ، ص177
3 – محمد السموري : ” إشكالية التوظيف البصري للتراث ” ، مجلة الرافد ،دائرة الثقافة والإعلام حكومة الشارقة 
    الإمارات العربية المتحدة ،  العدد 155 ،يوليو 2010، ص96
مفهوم الطقوس و طقوس العبور 14 – أمال النور حامد . طقوس الزار وطبيعتها . مجلة الأنثربولوجيا السودانية . العدد 4 . يوليو 2005 .
                       www.arcamni.org. ، بتاريخ 14/04/ 2011 ، على الساعة  سا20 : 09د
  لقد إستعمل راد كليف براون في كتاباته الأنثربولوجية مصطلح القيم الطقسية ، وتنص فرضيته حول الطقوس بأن القاعدة الأساسية للطقوس هي  تطبيق القيم الطقسية على الأشياء و الحوادث و المناسبات التي يمكن إعتبارها بمثابة الأهداف ذات المصالح المشتركة التي تربط أعضاء المجتمع الواحد ، أو تمثل تمثيلا رمزيا جميع الأشياء التي تستند على تأثير السلوك الرمزي بأنواعه المتعددة   ومنه يمكن إعتبار فرضيته حول الطقوس بأنها فرضية عامة للرموز لها تأثيراتها الإجتماعية المهمة ، وهكذا نجد مفهوم الطقوس عند راد كليف براون عبارة عن : ” حدث رمزي يعبر عن قيم إجتماعية معبرة “1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بياربونت و ميشال إيزار ، معجم الإثنولوجيا و الأنثربولوجيا ، مرجع سابق ، ص631
طقوس العبور :
  يعرفها معجم علم الإجتماع بأنها ” الخطوات أو الإجراءات التمهيدية التي تنطوي عادة على مراسيم إحتفالية وطقوس شعائرية و تنتهي بدخول المرء كعضو في جماعة و إنتمائه إلى فئة إجتماعية معينة مثلما تضمن تمتعه بإمتيازات محددة وتشير إلى كونه قد أصبح عضوا كامل العضوية أو عضوا راشدا في الجماعة أو المتٌحد الجماعي “1    وقد ظهرت هذه العبارة لأول مرة من طرف المفكر ” أرنولد فان جينيب ” سنة 1909 ، حيث يقول :  ” حسب مراحل حياة الفرد تكون هناك مراحل طقوسية تتواكب مع مراحل حياته ، فالميلاد هو المناسبة الأولى  وسن النضوج يترافق مع طقوس المسارة و كذلك الزواج وطقوس الأب  و الأم ، وأيضا طقوس الموت “2
  ويرى  ” فان جينيب ” أن كل مرحلة هامة في حياة الفرد يصاحبها بعض الطقوس التي تمكن الأفراد من الإنتقال من وضع  لآخر ، بحيث يتمثل الهدف منها  في ” العبور” .          
   وطقوس العبور هذه يقابلها  ” شعائر الإنتقال ” وهي ملازمة لمراحل حياة الإنسان ، وتوجد  بمقابلها الملازمة للتغيرات الكونية كتعاقب الشهور وتعاقب  الفصول و مجموعة الإحتفالات الدورية “3 .           
     وقد حاول ” فان جينيب ” في كتابه  ” شعائر المرور” دراسة الأنماط الطقوسية وعلاقتها بعضها ببعض كما حاول القيام  بجمع كل الأنماط  الطقوسية التي تصاحب الإنتقال و التحول  من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عدنان أبو مصلح ، معجم علم الإجتماع ، دار أسامة للنشر والتوزيع ، الأردن ، ط1 ، 2006 ، ص302
2 بياربونت و ميشال إيزار ، معجم الإثنولوجيا و الأنثربولوجيا ، مرجع سابق ، ص634
3 عباس محمد ابراهيم وآخرون ، الأنثربولوجيا : مداخل وتطبيقات ، دار المعرفة الجامعية للطباعة و النشر،
    الإسكندرية ، مصر ، 2005  ، ص 345
من مكانة إجتماعية إلى أخرى و من حالة إلى أخرى ، وقد قسمها إلى طقوس الإنفصال و الطقوس الهامشية وطقوس الإندماج أو التجميع أو الدخول “1  
  وتلخص الناقدة الأمريكية : “سوزان ستيتكيفيتش”  نظرية طقوس العبور التي تكلم عنها           ” فان جينيب” بقولها : ” يتكون كل طقس عبور من ثلاثة أجزاء ، أو ثلاث مراحل : أولاها الفراق  أي إنقطاع العابر من مكانته السابقة في المجتمع ، وثانيها الهامشية أو  العتبية أي طور إنتقال يقضيه العابر على هامش المجتمع ، وهي حالة وسط بين المرحلتين السابقة واللاحقـة ، وفي هذه المرحلة لا يملك العابر أية مكانة إجتماعية معينة ، بل يعيش خارج المجتمع ولذلك نجد أن الرموز المسيطرة على هذا الجزء من الطقس تعبٌر عن الغموض وعدم الاستقرار، كما تشير أيضاً إلى سلوك غير إجتماعي أو ضد المجتمع ، أما المرحلة الثالثة فهي إعادة التجميـع في المجتمع ، أو إعادة الاندماج في المجتمع ، حيث يحرز العابر في هذه المرحلة مكانة ثابتة معينة جديدة ، فيتمتع بالحقوق المترتبة على هذه المكانة ، ويتحمل المسؤوليات المتعلقة بها “2
ـــــــــــــــــــــ
1 فيليب لابورث و جان بيار فارنييه ، إثنولوجيا وأنثربولوجيا ، مرجع سابق  ، ص 179    
2سوزان ستيتكيفيتش ، القصيدة العربية وطقوس العبور: دراسة في البنية النموذجية، مجلة مجمع اللغة العربية ، 
    دمشق ،  مجلد 6 ، عدد 1 ، دمشق، كانون الثاني 1985، ص59 ـ 60. 
طقوس العبور في الإسلام :
  أورد الباحث الجامعي التونسي ” عبدالرحيم بوهاها “1 في أطروحته حول طقوس العبور في الإسلام والذي إنطلق في دراسته من نظرية ” فان جينيب ” الشهيرة التيتقوم على الأبعاد الثلاثة لطقوس العبور: الإنفصال ، والهامشية ، والإندماج.      
  وقد إختار لدراسته مسار الإنسان من الولادة إلى الموت ، وعلّق على كل مرحلة من مراحل هذا العمر، لا سيما المراحل الحاسمة مثل الولادة  والختان  والبلوغ  والزواج  والموت ، مستقصياً في المتون الفقهية ، لدى جميع فقهاء المذاهب الإسلامية دون إستثناء كما أشار إلى الأحكامَ الشرعية الدينية لكل حالة ، كما في حديثه عن «العقيقة» ونوعها ، جنسها ، شروط ذبحها ، طريقة طبخها وصرفها ، وحديثه عن الختان من حيث وقته ، والطقوس المصاحبةله ، من أدعية وولائم وإحتفالات ، كما  إستعرض حدّ البلوغ وعلاماته وإستتباعاته من تكاليف وواجبات دينية.
  كما تناول في مقاربته طقوس الزواج وتقاليده مثل إستئذان الوليّ ووجوب الصداق وضرورة إشهار النكاح ، وتوقفه عند ظاهرة الإحتضار، وتسجية الميت ، وتكفينه ، والصلاة عليه، ودفنه .  وهو بذلك يبين ما لطقوس العبور من حضور في نظام القِيَم المجتمعي المحدِد لقواعد السلوك والنشاط ، بصفته عنصرا من العناصر المكونة للبيئة الثقافية و التراث الشعبي المنبثق عن المجتمع.
ـــــــــــــــــــــــــ

1 – نقلا عن : عبد الرحيم بوهاها ، ” طقوس العبور في الإسلام : دراسة في المصادر الفقهية ” ، ملخص أطروحة        ،  بتاريخ 14 / 04 / 2011 www.assafir.com        دكتوراه  ،  مؤسسة الإنتشار العربي ، 2008 ، موقع :               على الساعة : 19: 15 .

433 مشاهدة