مفهوم نمط الإنتاج الآسيوي

مفهوم نمط الإنتاج الآسيوي
هل يصلح أداة منهجية لدراسة تاريخ مملكة نبتة- مروى؟
إطار نظري لتحليل التاريخ الاجتماعي الاقتصادي لمملكة نبتة – مروى
 أسامة عبدالرحمن النور
مفهوم نمط الإنتاج الآسيوي هل يصلح أداة منهجية لدراسة تاريخ مملكة نبتة- مروى؟

استهلال
قبل البدء في دراسة أسلوب الإنتاج السائد في مملكة نبتة مروى، وقبل حسم مسألة مدى الاستفادة الممكنة من المفاهيم التجريدية التى تم طرحها من قبل المفكرين الأوربيين، واستخدامها أداة تحليلية في دراسة خصائص التطور الاقتصادي الاجتماعي للمجتمع في السودان القديم، لا بدَّ من الإشادة بالمجهودات الهائلة التى قام بها لفيف من الباحثين العرب وغير العرب لمناقشة التعميمات السوسيولوجية الخاصة بتطور المجتمعات الشرقية والأفريقية عموماً. مجمل تلك الأبحاث والمجهودات القيمة شكلت قاعدة اتكأت عليها هذه الدراسة النظرية المدخلية علها تسهم إلى حد ما في طرح قاعدة منهجية تصلح أداة للنفاذ إلى إشكالية خصائص التطور الثقافي والاقتصادي والاجتماعي لمملكة نبتة مروى. 

يبدو لنا أن العديد من الباحثين المعاصرين من العرب وغير العرب اتبعوا نهجاً نقول بأنه سعى إلى استنباط عناصر من آراء المفكرين الأوربيين بدءاً من أرسطو مروراً بآراء كل من بيرنيه، وهارنجتون، وميكافيلى، ومونتسكيه، انتهاء بآراء آدم سميث، وهيجل، وكارل ماركس. ويلاحظ أن هؤلاء الباحثين أخذوا في تطبيق ما استنبطوه من عناصر على المعطيات التاريخية مفترضين أن ذلك إنما يوازى التحليل النظري غض النظر عن مدى صلاحية أو عدم صلاحية الصيغ التى اعتمدوا عليها. نتج عن مثل هذا الشكل من المعالجات وضع أصبحت معه العديد من الأبحاث التى تعرضت للمجتمعات الشرقية والأفريقية فاقدة لقاعدة نظرية دقيقة.
بصورة عامة نقول بأن المناقشات الدائرة حالياً حول أساليب الإنتاج التى سادت في التركيبات الاجتماعية في الشرق وأفريقيا قديماً ولازالت العديد من سماتها باقية، تميزت ببعض نقاط الضعف التى لا بدَّ لنا من الإشارة إليها إن كان في نيتنا تجنب الوقوع في الأخطاء النظرية. لدى دراسة أية ظاهرة من ظواهر الثقافة الإنسانية هناك مسألة تطرح نفسها، ابتداء، ومن غير الممكن السير قدماً في المهمة قبل التوقف عندها ملياً، ألا وهى مسألة المفاهيم والتعريفات. فبدون هذه الخطوة المبدئية التى من شأنها تعريف المفهوم وتوضيح حدوده، قد يجد الباحث نفسه وهو يلاحق ما هو بعيد عن موضوع دراسته، أو ينساق وراء جوانب ثانوية. على أن المشكلة التى تواجه الباحث عندما يحاول أن يستهل دراسته بتعريف المفاهيم وتوضيحها، هي أنه لا يستطيع التوصل إلى تعريف مرضٍٍ قبل أن يكون قد قطع شوطاً واسعاً في تقصى مفاهيمه. لأن التعريف الذى لا يأتي نتيجة الدراسة المتأنية والمعمقة، سوف يعكس أهواء الباحث ومواقفه المسبقة وإسقاطاته الخاصة، عوضاً عن أن يكون مرشداً موضوعياً له. من هنا، فان الباحث يجد نفسه أمام مأزق فعلى يتعلق بالمنهج. ذلك أن التعريف المسبق أمر ضروري لأجل توضيح مجال البحث وتحديده، ولكنه في الوقت نفسه لا يستطيع التوصل إلى مثل هذا التعريف قبل أن يشبع مفاهيمه التى يعكف عليها بحثاً وتحليلاً.
من هنا فاننا نرى أن دراسة المفاهيم يجب أن تسير على مرحلتين. تهدف الأولى إلى التوصل إلى تعريف دقيق للمفهوم انطلاقا من تعريف مبدئي عام وفضفاض، من شأنه حصر مجهود الباحث وتركيزه ضمن قطاع عام أو مفهوم أشمل يحتوى المفهوم الأصغر الذى هو يصدده. أما المرحلة الثانية فتعود إلى نقطة البداية مزودة بتعريف واضح ودقيق للمفهوم، وتُقبل عليه مجدداً وقد صار محدداً ومميزاً عن بقية المفاهيم المشابهة له أو المتداخلة معه.
تأطير مفهومي التركيبة الاجتماعية ونمط الإنتاج 
لدى بذل محاولة طرح تأطير نظري لدراسة أي مجتمع لا بدَّ وأن تكون البداية هي تناول مفهومين أساسيين : التركيبة الاجتماعية social formation، وأسلوب الإنتاج mode of production . هنا لا بدَّ من أن نقول بأن الباحث الفرنسي لوى ألتوسير قد أسهم إسهاماً رائداً في البحث الجاري باتجاه التطوير الملموس لمفهوم التركيبة الاجتماعية عاداً إياها بمثابة “الممارسة الاجتماعية”، التى توجد ككل مركب يشتمل على عدة عناصر: الممارسة الاقتصادية، والممارسة السياسية، والممارسة الأيديولوجية، والممارسة النظرية (1). مجمل هذه العناصر في وحدتها هو ما يمكن تسميته ” بالممارسة الاجتماعية “. وبغض النظر عن خصائص كل عنصر من تلك العناصر فان لكل واحد منها بنيته الخاصة غير المتبدلة التى يتم في إطارها تحول المادة الخام الحاسمة إلى منتج محدد، تحول يتأثر بالضرورة بالعمل الذى يستخدم وسائل للإنتاج محددة، بالتالي فان ما يسمى بالممارسة الاقتصادية تتطلب تحويل المواد الخام الطبيعية إلى “منتجات اجتماعية” وذلك عبر الاستخدام الممن هج والمنتظم لوسائل العمل الإنساني [وسائل الإنتاج]، أما ما يسمى بالممارسة السياسية فتوجد في شكل تحول يصيب العلاقات الاجتماعية السائدة خالقاً علاقات جديدة، في حين توجد الممارسة الأيديولوجية في شكل التحول الذى يصيب العلاقات المعيشة “للذات” تجاه العالم عبر وسائل الصراع الأيديولوجي، وتوجد الممارسة الأخيرة، النظرية، في شكل تحول المفاهيم القائمة في إطار المعالجات الأيديولوجية إلى معرفة عملية عبر وسيلة العمل التجريدي الذى يتحرك في مجال المفاهيم التى تقوم بتحديد المجال الذى تطرح فيه إشكالية العلم. ويرى ألتوسير أنه في إطار وحدة هذه الممارسات تظل الممارسة الاقتصادية بمثابة القوة الحاسمة في التركيبة الاجتماعية في نهاية المطاف، وتظل هي بالتحديد التى تشكل بنية العلاقات الداخلية لمختلف العناصر الأخرى. رأى ألتوسير الأخير هذا سنعود لمناقشته في وقت لاحق.
أما مفهوم أسلوب الإنتاج فيمكن تعريفه عبر تناول الممارسة الاقتصادية تحديداً. تحتوى هذه الممارسة الاقتصادية في مستواها الأساسي أي الإنتاج عموماً- على عناصر محددة: المنتج ووسائل إنتاجه وموضوع العمل. إلا أنه في ذات الوقت يوجد العامل غير المنتج الذى يقوم بالاستحواذ على العمل الفائض. ولتحقيق عملية الإنتاج وإنجازها لا بدَّ بالضرورة من التحام كل تلك العناصر. وتتم عملية الالتحام هذه عبر شكلين للعلاقات. الشكل الذى تتم به عملية الالتحام هو ما يميز المراحل المختلفة التى اصطلح على تسميتها بأساليب الإنتاج. إن فائض العمل القائم في عمليات العمل والناتج عن كون الإنتاج قد تعدى حدود المتطلبات البسيطة لإعادة إنتاج ضرورات العمل المستخدم، يعطى هذا الفائض منتوجاً فائضاً خاضعاً لأشكال الانتزاع المتعددة في المراحل المختلفة، أشكال الانتزاع تلك هي نتاج لعلاقات الإنتاج المحددة والتي تنشئ، بمجرد تأسيسها، نظاماً متفاوتاً لحيازة الملكيَّة والسيطرة على وسائل الإنتاج بالنسبة للعامل المنتج وللعامل غير المنتج. وتؤسس علاقات الإنتاج شكلاً سائداً لانتزاع فائض العمل في أسلوب الإنتاج المعنى، وتكون لانتزاع فائض العمل هذا الأولوية على عمليات الإنتاج طالما أنه يقوم بتشكيل الأخيرة.
بالتالي فان أسلوب الإنتاج المعين يوجد كوحدة خاصة مزدوجة لعدة عناصر ويؤلف نوعاً من التركيبة الخاصة لعلاقات الإنتاج، ولأشكال العمل، ويتم تشكله انطلاقا من علاقات الإنتاج السائدة. الأمر كذلك فانه من “الإنتاج عموماً، ومن ظواهره المشتركة” يكون ممكناً، كما يشير إلى ذلك ألتوسير، الانطلاق لتحديد “الإنتاج بخاصة”، أى الإنتاج في مرحلة معينة، كما يصبح من الممكن الانطلاق لتحديد أسلوب الإنتاج المحدد.
إذن طالما أن أسلوب الإنتاج يوجد كتركيب مزدوج لعدة عناصر، وطالما أن هذا التركيب هو الذى سيحتم أياً من الممارسات (الاقتصادية، أو السياسية، أو الأيديولوجية، أو النظرية) فانه يشكل العامل الحاسم في إطار الممارسة الاجتماعية، ولذا فانه ولدى دراسة النظم الاقتصادية للمجتمعات السابقة لنشوء الرأسمالية، لا بدَّ بكل بساطة من تحديد الأشكال التى يتم فيها التحام تلك الممارسات، كما لا بدَّ من تحديد طبيعة تلك العناصر المزدوجة، طالما أن أي أسلوب للإنتاج إنما يوجد كبنية سائدة، كوحدة لأشكال للعمل مختلفة في ظل سيادة أسلوب معين لانتزاع العمل الفائض الذى تحتمه سيادة علاقات إنتاجية محددة؛ بمعنى آخر فانه من خلال وحدة العناصر المزدوجة المختلفة في أسلوب الإنتاج تسود العلاقات التى يتم في إطارها انتزاع العمل الفائض، تلك العلاقات التى من خلالها تتشكل عمليات الإنتاج. يعنى ذلك أنه لا يمكن لتحليل أي أسلوب للإنتاج الانطلاق من مجرد التعرف على العناصر ووحدتها في عملية الإنتاج، أي من مجرد تقسيم العمل (2)، ذلك لأن إنجاز عملية انتزاع العمل الفائض لا يتم عبر عملية الإنتاج بالتحديد طالما أن عملية الإنتاج تعتمد في حد ذاتها على عملية انتزاع العمل الفائض وتتشكل من خلالها، بالتالي فان علاقات الإنتاج السائدة، العلاقات القائمة بين المنتج وغير المنتج، والتي تشكل الأساس المبدئي لتحليل خاصة أي أسلوب للإنتاج، ستظل غائبة بمجرد اختزال التحليل على مستوى عملية الإنتاج فحسب.
لقد وقع العديد من الباحثين في مسائل المجتمعات الشرقية والأفريقية في هذه الهوة، الأمر الذى أدى بهم إلى تعميم استخدام مفهوم أسلوب معين للإنتاج إلى درجة يفقد معها خاصته المميزة نهائياً، أو للدرجة التى يتم معها الخلط بين العلاقات الإنتاجية وعلاقات الاستحواذ، مثال ذلك التعريف الذى يطرحه شريف الدشونى لما يسمى بأسلوب الإنتاج الآسيوي الذى أشار إليه كارل ماركس في عمله “مقدمة في نقد الاقتصاد السياسي”. يقول الدشونى أنه “بشكل عام وفي كثير من التجاوز يمكن للإنسان وصف هذه المجتمعات ذات النمط الآسيوي للإنتاج بأنها مجتمعات وسطية تتدرج من مجتمع لا طبقي (أولى) ومجتمع طبقي. العلاقات الطبقية والملكية الفردية لم تتبلور بوضوح بعد، فعلى الرغم من وجود ظاهرة العمل العبودي (في قصور الملوك والأمراء) لا يمكن وصف المجتمع بشكل عام على أنه يعتمد على مثل هذا الشكل للعمل، لا يمثل هذا النوع من العمل العلاقات الأساسية لأن المجتمع العبودي يحتاج إلى مستوى أعلى من الإنتاج والتجارة وجمع الثروة” (3). ولاشك أن مثل هذا التعريف يتنافى كلياً وخصائص أسلوب الإنتاج الشرقي المميزة طالما أنه يهمل مفهوم الدور الأساسي للري والأعمال الكبرى الأخرى وغياب الملكية الخاصة للأرض في تأسيس هذا الأسلوب.
أما الباحث شينو فانه يذهب أبعد من الدشونى ويقول بأن “نمط الإنتاج الآسيوي مقولة ينبغي تحديدها بالنسبة للإنتاج ذاته، وينبغي أن تعبر عن العلاقات الاجتماعية المخلوقة تلبية لاحتياجات الإنتاج، “قانونه الأساسي” لا يمكن أن يظهر لا على مستوى تقنيات الإنتاج، ولا على مستوى المقتضيات الجغرافية (الري وجفاف المناخ)، ولا على مستوى أشكال التنظيم الاجتماعي والسياسي (الأرستقراطية القبلية والبيروقراطية)، وإنما على مستوى الإنتاج نفسه… إن نمط الإنتاج هو شكل خاص نوعى من أشكال استغلال الطبيعة والإنسان معاً، ويتطلب نمط الإنتاج في آن واحد تنظيماً تقنياً للعمل، وشكلاً للتعاون، وتنظيماً اجتماعياً للعمل، وشكلاً من أشكال الإكراه الاجتماعي، وإذا نسقنا الملاحظات التى أبديت بهذا الخصوص وجدنا أن أسلوب الإنتاج الآسيوي يتميز بالجمع بين النشاط الجماعي للمشتركات القروية وبين التدخل الاقتصادي لسلطة دولة تستغل تلك الجماعات وتحكمها في آن واحد “. وطرح شينو سؤالاً عما إذا كانت هذه الفكرة الخاصة “بالقيادة الاقتصادية العليا” تنطوي على وظائف أخرى “من قبيل ذلك مراقبة الدورات الزراعية، وصيانة الطرق ومراقبة أمنها، والحماية العسكرية للقرى ضد غارات البدو أو جيوش الغزاة الأجانب، وتتولى الدولة المسئولية المباشرة عن بعض قطاعات الإنتاج الصناعي التى تنمى طاقات المشاعات القروية، على سبيل المثال في مجال المناجم والتعدين”(4).
لا شك أنه بتوسيع مفهوم أسلوب الإنتاج الآسيوي بهذه الصورة فان الدشونى وشينو يجردان المفهوم من محتواه الفعلي أداة تحليلية، مثل هذه المحاولات لا تعنى شيئاً في الواقع سوى تبسيط تجريدي للسمات المميزة لأسلوب الإنتاج الشرقي واختزالها فقط في ما يميز أول بادرة لظهور الدولة والطبقات الحاكمة في مجتمع لازال يقوم في الأساس على قاعدة المشترك القروي. ولا شك في إمكانية إثبات حقيقة أنه في كل حالة توجد الإتاوة التى تدفعها المشتركات القروية لمواجهة التكاليف التى تتطلبها المهام المرتبطة بالمصلحة العامة، بما في ذلك المصلحة ذات الطابع المخيالي الديني أو السحري، وبالتدريج تبدأ الأرستقراطية القبلية في الاستحواذ على تلك الإتاوات، وتتعايش لفترة انتقالية محددة “ديمقراطية” تقوم على قاعدة المشترك القروي مع حكومة ذات طابع استبدادي متزايد في القمة.
بمجرد أن يتم تثبيت الاتجاه الخاطئ الذى يبسط أسلوب الإنتاج الشرقي ويختزله في مجرد مفهوم يعبر عن واقع دمج المشترك القروي مع سلطة مركزية مستغلة (بالكسر) فان الدشونى وشينو لا يجدان صعوبة في اكتشاف ما يسمى بنمط الإنتاج الآسيوي في أفريقيا في مرحلة ما قبل الاستعمار الأوربي، وفي أمريكا ما قبل كولومبوس، بل حتى في أوروبا الأبيضية المتوسطية (الثقافة الموكينية الكريتية)، لكننا نجد أنه بعد اكتمال عملية التبسيط تلك نكون قد فقدنا كل ما هو آسيوي، أو كل ما هو “شرقي” بالتحديد في مثل هذه المقولة الشمولية الموسعة. وفي اعتقادي أن مثل هذا الخلط يبرز كنتيجة لعدم إدراك العلاقات الإنتاجية والتقسيم الاجتماعي للعمل، وهو ما يشكل الأساس الفعلي للبنية الطبقية نفسها.
هذه هي الهاوية الأولى التى لا بدَّ من تجاوزها لدى تحليل أساليب الإنتاج السابقة للرأسمالية في الشرق وفي أفريقيا إذا ما أردنا تجنب وهم التعرف ببساطة على وحدة العناصر النظرية القائمة في عملية الإنتاج. بعد ذلك يصبح الواجب المطروح أكثر صعوبة طالما أنه يتوجب الكشف عن علاقات الإنتاج التى تسمح بانتزاع العمل الفائض من المنتجين المباشرين في أسلوب الإنتاج المدروس، هذه العلاقة لا بدَّ من تركيبها ليس عبر دراسة عملية الإنتاج، وإنما بالبدء في تحليل مجمل عملية إعادة إنتاج النظام الاقتصادي في علاقته بالتركيبة الاجتماعية نفسها. هذه هي المهمة التى تواجه البحث الحالي الذى يسعى إلى تحليل أسلوب الإنتاج الذى ساد في التركيبات الاجتماعية في مملكة نبتة ومروى. لا بدَّ لنا من دراسة الإنتاج في صلته بالأوجه الأخرى التداول والتوزيع الخ. وفي تركيبه التفصيلي مع المستويات الأخرى. فقط بعد هذا يصبح يمكننا طرح مسألة وجود علاقات الإنتاج المحددة التى تحتم نظام الإنتاج وتساعده في إعادة إنتاج نفسه، والتي تعطى أساساً للانقسام الاجتماعي للعمل الذى تنشأ على قاعدته البنية الطبقية.
إذن ففي كل الحالات لا بدَّ لبحثنا أن ينطلق مبدئياً من تناول البنية الاقتصادية كنظام وأن يدرس التركيب التفصيلي لهذه البنية في إطار التركيبة الاجتماعية، وأن يستخدم المفاهيم التجريدية الأساسية للمنهجية العملية بدلاً من تطبيقها ببساطة على عمليات الإنتاج المختلفة. فأسلوب الإنتاج لا بدَّ وأن يتم تحليله بوصفه بيئة تسود فيها علاقات الإنتاج على قوى الإنتاج، بحسبانه بنية تفرض فيها علاقات الإنتاج تطوراً محدداً لقوى الإنتاج. والحال كذلك فانه بدلاً من إنشاء صرح التحليل انطلاقا من الإصرار عل وجود التناقض بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج، يكون من الأجدى البدء بتحليل النماذج المحددة للتطور والتي تفرضها علاقات إنتاج محددة على القوى الإنتاجية في أساليب الإنتاج المختلفة. هذه النقطة بالتحديد ذات أهمية قصوى لدى تحليل التركيبات الاجتماعية في الشرق وأفريقيا طالما أنه يصبح ممكناً البدء في تحليل تلك الأشكال الاجتماعية فقط في حالة دينامية أسلوب الإنتاج السائد وكيف يمكن للتركيب التفصيلي لتلك الديناميات في التركيبة الاجتماعية أن يُثبَت إمكانية بروز عناصر أسلوب جديد للإنتاج.
إن مسألة الانتقال من أسلوب إنتاجي إلى آخر تتم كالتحام لعمليات مختلفة: دينامية أسلوب الإنتاج السائد سابقاً، وتركيب العناصر الخاصة بالأسلوب الوليد، والتركيب التفصيلي لأساليب الإنتاج الأخرى في التركيبة الاجتماعية لضمان تأسيس الأسلوب الجديد وإعادة إنتاجه. فقط عبر تحليل العلاقة المتبادلة بين تلك العمليات في مرحلة الانتقال يصبح من الممكن تحديد خطة لدراسة التطور التاريخى الثقافي للمجتمعات الشرقية والأفريقية القديمة طالما أن تلك العمليات هي التى تعنى بالتحديد في نهاية المطاف بنية تلك المجتمعات ونزعتها التطورية.

أسلوب الإنتاج الآسيوي وديناميته

بعد كل هذا ننتقل الآن إلى طرح الأسس لتركيب مفهوم بنية وإعادة إنتاج أسلوب الإنتاج الذى ساد في التركيبات الاجتماعية الشرقية القديمة وديناميته. نبدأ تناولنا للمسألة بإعطاء وصف شامل للخصائص الأساسية للتركيبة الاجتماعية التى يسود فيها باعتقادنا أسلوب نمط إنتاج آسيوي، ويعتمد تناولي على الحجم الهائل من المعطيات الآثارية  والابيجرافية والاثنوغرافية التى تراكمت بكميات لا حدود لها، والتي تلقى ضوءاً على مختلف جوانب الحياة في المجتمعات الشرقية والأفريقية القديمة.
في إطار التركيبات الاجتماعية الشرقية والأفريقية القديمة ينظم الإنتاج في عمليات العمل على قاعدة المشترك القروي، وتتكون وحدة الإنتاج من أفراد العائلة الواحدة أو تركيب لعدة عوائل، وتكون تلك المشتركات محدودة مبدئياً في إطار إنتاج المواد الخاصة باستهلاكها الذاتي، أما فيما يتعلق بتنظيم الإنتاج في تقسيم العمل فانه، في الغالب، ما يكون شبيهاً إلى حد ما للوصف الذى أعطاه هيجل لنظام المشتركات القروية في الهند ” فيما يتعلق بالملكية الخاصة فان للبراهمة ميزة كبرى هي أنهم يدفعون ضرائب ويحصل الأمير على نصف دخل أرض الآخرين والنصف الباقي عليه أن يكفي تكاليف الزراعة ومئونة العاملين فيها. والمشكلة البالغة الأهمية هي ما إذا كانت الأرض الزراعية في الهند تُعتبر ملكاً للزراع أو ملكاً لمن يسمى بمالك المزرعة…ويقسم الدخل الذى يدخل لأية قرية كله قسمين أحدهما يخصص للأمير (الراجا) والقسم الآخر للمزارع. كما أن هناك أنصبة متناسبة تتوزع على عمدة المكان، والقاضي، ومراقب الماء، والبراهمي الذى يشرف على شئون العبادة، والمنجم (الذى هو كذلك أحد أفراد البراهمة وهو يعلن عن أيام السعد وأيام النحس)، والحداد، والنجار، والخزاف، والرجل الذى يجمع الملابس لغسلها، والحلاق، والطبيب، والراقصات من الفتيات، والموسيقى، والشاعر. وهذا الترتيب ثابت لا يتغير، ولا يخضع لمشيئة أحد. ولهذا فان جميع الثورات السياسية تمر على الهندي بلا مبالاة لأن مصيره لا يتغير “(5).
كما أنه يمكن أن يشبه الوصف الذى أعطاه شايانوف “للاقتصاد الطبيعي” الذى كان قائماً في روسيا في القرن التاسع عشر “كل وحدة عائلية بعد أن تقوم بمبادلة بضائعها مع الوحدات العائلية الأخرى، بل وقد تكون المبادلة مع المشتركات القروية المجاورة، فانها تسلم القيمة التى تشكل “المنتوج الاقتصادي الإجمالي” للوحدة، ومن ثم يتم اقتطاع جزء للمنصرفات الماديَّة الضروريَّة للعام من هذه القيمة ويتبقى بالتالي للعائلة الجزء من القيمة الذى أنتجته لاستعمالها الذاتي خلال العام، ثم تصبح هذه القيمة القاعدة التى يتم انطلاقا منها الإنتاج للعام المقبل”(6). النقطة الهامة هنا هى أن “دخل” الوحدة العائلية له محتماته الذاتية: حجم العائلة وتركيبها، وإنتاجية القوة العاملة في العائلة. هذا العنصر المحتم الأخير  الذى يشكل أهمية قصوى بالنسبة لتخطيط إيراد العائلة، له أيضاً أسبابه الخاصة حسب رأى شايانوف “إن درجة الاستغلال الذاتي تُحدد عبر توازن معين بين احتياج العائلة للاكتفاء الذاتي من جانب، وحجم الكد والعناء الضروري للعمل نفسه من الجانب الآخر، كل وحدة نقدية لمنتوج عمل العائلة المتزايد يمكن النظر إليها من منطلقين: أولاً من حيث أهميتها للاستهلاك من أجل إشباع احتياجات العائلة، وثانياً من حيث حجم الكد والعناء المبذول لاكتسابها”(7). ومن الواضح أنه بازدياد المنتوج المكتسب عبر العمل المضني فان أهمية التقدير الذاتي لكل وحدة نقدية جديدة مكتسبة للاستهلاك تقل، لكن الكد والعناء المبذول لاكتسابها والذي سيتطلب قدراً متصاعداً من الاستغلال سيرتفع، طالما لم يتم التوازن بين العنصرين، بمعنى طالما ظل الكد والعناء في العمل يقدر ذاتياً باعتباره أقل أهمية من الاحتياجات التى بذل العمل من أجل تغطيتها، فان العائلة تمتلك صلاحية الاستمرار في نشاطها الاقتصادي بدون عمل مدفوع الأجر. “بمجرد الوصول إلى هذا التوازن فان منصرفات العمل اللاحق تصبح أكثر صعوبة للفلاح أو الحرفي”(8).
ينحصر موضوع الإنتاج في الوحدة العائلية بالتالي في الوصول إلى نقطة التوازن هذه حيث يصبح من الممكن تغطية احتياجات العائلة، وحيث لا يُقيَّم حجم الكد والعناء كمجهود يتجاوز الحدود بالمقارنة مع النجاح في تحقيق تلك الاحتياجات وتلبيتها، وبمجرد الوصول إلى هذه النقطة فان الإنتاج اللاحق يصبح، حسب شايانوف، بدون هدف.
هذا وتقوم العائلة باستغلال الشروط الطبيعية (في شكل تركيبها الذاتي، أي النسبة المتبدلة دوماً للمنتجين بالنسبة للمستهلكين خلال الأجيال المتعاقبة)، والتبادل وما إلى ذلك لتحقيق التوازن، وهو ما يعنى أن النزعة إلى زيادة الإيراد، عبر مراكمة رأس المال واستغلال أراضى زراعية جديدة، تظل محدودة بتركيب قوة العمل في العائلة، وبحجم الكد والعناء المبذول في العمل بالنسبة لاحتياجات المستهلكين، إذا أصبح من الممكن التوصل إلى نقطة التوازن الذاتي عبر استغلال قوة عمل العائلة فلا داعي ولا حاجة بكل بساطة إلى زيادة حجم الكد والعناء بزراعة أراضى جديدة، أو العمل على تحسين الإنتاجية باستخدام الدخل المتوفر لشراء أدوات أكثر فاعلية، أما إذا تعذر تحقيق التوازن، على سبيل المثال عندما يعمل الزوجان لإعالة أطفالهما الصغار غير المنتجين، فان الخطوات المذكورة يمكن إتباعها لفترة مؤقتة لتهجر من جديد بمجرد الوصول إلى التوازن، بالتالي فان لاستخدام جزء من الدخل لشراء أدوات جديدة أو لزراعة أراضٍٍ إضافية يصبح مقبولاً بالنسبة للوحدة العائلية فقط في حالة إمكانية تحقيق توازن جديد في فترة وجيزة وبمنصرفات عمل أقل كداً وعناءً، ويعود بإشباع أكبر لاستهلاك العائلة، وبمجرد التوصل إلى تلك النقطة يمكن الاستغناء عن تلك الخطوات.
إذا صحت فرضيتنا بشأن سيادة مثل هذا الشكل من التنظيم الاقتصادي في مجتمعات الشرق القديم فانه يجوز القول بأن عملية العمل التى سادت في تلك المجتمعات تميزت بوجود نزعة دائمة لإعادة إنتاج الشروط الضرورية للمتطلبات الاستهلاكية للعائلة، ويشكل هذا بالتالي موضوع الإنتاج. لكن يبرز هنا سؤال بخصوص النشاطات اللا-زراعية في هذا النوع من تقسيم العمل. تعتمد الحرف الصناعية الصغيرة التى وجدت على احتياجات هذا الإنتاج أو على المتطلبات المباشرة للمشترك القروي. يبدو عمل الحرفي في أسلوب الإنتاج في مجتمعات الشرق القديم وكأنما هو محدود على الفترات التى لا يكون فيها كل وقت العمل مستخدماً في عملية الإنتاج الزراعي. في هذا النشاط الحرفي، كما هو الحال في الإنتاج الزراعي، يُنظم المشترك القروي بالشكل الذى يكفل إنتاج القيم الاستعمالية للاستهلاك المباشر. ومع تطور أسلوب الإنتاج الشرقي القديم يظل هذا التنظيم قائم لكنه يُستكمل بالإكثار من إنتاج البضائع من أجل التبادل (القيمة التبادلية) إما مع المشتركات الأخرى والدولة، أو عبر الدولة مع التركيبات الاجتماعية الأخرى. بهذا يبدو أنه وبتطور أسلوب الإنتاج الشرقي القديم تبدأ عملية تجاوز”المطلقية” الزراعية والحرفيَّة الأصيلة للمشتركات القروية، هذا ما يمكن ملاحظته على سبيل المثال في بابل حمورابى حيث أنه وتحت احتكار الدولة تتم عملية إنتاج المحاصيل الزراعية وتنظيمها ومبادلتها مع الدول المجاورة، وفي إطار التبادل الداخلي بين المشتركات القروية. هذه العملية الخاصة بدعم إنتاج القيم التبادلية لإنتاج القيم الاستهلاكيَّة يتبعها عموماً في الشرق القديم التحول إلى الاقتصاد النقدي، واستيراد الدولة للبضائع من قبل مؤسساتها الخاصة ولتنظيم وسائل الإنتاج أو لاحتياجاتها الأيديولوجية. هذا التحول بالذات هو الذى فسر تفسيراً خطئاً من جانب ماكس فيبر باعتباره تحولاً نحو نظام رأسمالية الدولة في المجتمعات الشرقية القديمة (9).
النقطة الهامة التى لا بدَّ من التعرض لها هنا هي أنه بالرغم من أن عملية إنتاج القيم التبادلية تشكل نزعة عامة في إطار أسلوب الإنتاج الشرقي القديم، فانها تظل نزعة محدودة في الأطر المرسومة من قبل الدولة نفسها. فرضيتنا هذه تحتم علينا تحليل مسألة تدخل الدولة الشرقية القديمة في العملية الإنتاجية. فكما كان الحال في كافة أساليب الإنتاج التى سبقت نشوء النظام الرأسمالي، فان الدولة في الشرق القديم استحوذت على العمل الفائض للمشتركات القروية عادة في شكل ريع عيني، وهو ما تطلب بالضرورة استخدام العمل بدرجة أعلى وأبعد مما هو مطلوب لتغطية احتياجات الاستهلاك والتبادل المحلى. على كل فان ما يميز أسلوب الإنتاج في الشرق القديم عن الأساليب الإنتاجية الأخرى هو أن الدولة في الشرق القديم قامت بدور هام دوماً في إعادة إنتاج الشروط المسبقة للإنتاج نفسه، وبهذا الشكل، كما سنوضح، فان الدور الذى تقوم به الدولة في عملية الإنتاج يسهم في إعادة إنتاج أسلوب الإنتاج الشرقي القديم نفسه.
  

دور الدولة في المجتمعات ذات النمط الآسيوي

 تقوم الدولة في أسلوب الإنتاج الذى ساد في التركيبات الاجتماعية ذات النمط الآسيوي بوظيفة اقتصادية هامة للغاية وذلك بفعل تدخلها في الاقتصاد القروي سواء عبر تنظيم وقت العمل الفائض للعمل الجماعي القروي الموجه لتشييد منشئات الري المختلفة والضرورية لعملية الإنتاج الزراعي للقرى، أو عبر التوزيع الموسمي لأراضى تلك القرى لمواجهة المتطلبات الديموغرافية المتبدلة للقرى المختلفة، أو عبر تنظيم سبل تخزين المنتوج لتغطية الاحتياجات في السنوات العجاف، أو عبر تنظيم الدورة الزراعية للمحاصيل، أو عبر إنتاج المواد الخام للإنتاج الزراعي وتوزيعها (المناجم والتعدين)، وبالتالي فان الدولة تقوم بدور واضح وهام في عملية الإنتاج، وبهذا فانها تسهم إسهاماً مباشراً وبفاعلية في عملية الإنتاج ذاتها، وكنتيجة فان إعادة إنتاج الإنتاج والاستهلاك القروي تتم عبر المشاركة المباشرة للدولة من خلال وظيفتها التنظيمية.
وتقوم الدولة في التركيبات الاجتماعية ذات النمط الآسيوي بانتزاع العمل الفائض من المشتركات القروية في شكل عمل جماعي منجز كوسيلة للإنتاج. وبالإضافة فانها تنتزع أيضاً فائضاً في شكل ضريبة تُدفع لها. علاقة الإنتاج التى تحكم انتزاع العمل الفائض في التركيبات الاجتماعية ذات النمط الآسيوي هي العلاقة القائمة بين القرية والدولة، هذه العلاقة الإنتاجية، كما سنوضح، هي التى تشكل عمليات العمل الفاعلة في تقسيم العمل في القرى. إن انتزاع الدولة للعمل الفائض، ودورها الوظيفي التنظيمي في عملية الإنتاج يتم التعبير عنه من خلال “ملكية” محددة أيديولوجياً للمنطقة التى يتم فيها الإنتاج، ومن خلال السيطرة اللاحقة عليها، في كل حالة فان الدولة تمتلك الأرض وتسيطر عليها، والدولة هي التى يتم تحديدها أيديولوجياً بوصفها المالك الأوحد لكل الأراضي (10). بالتالي فان الدولة تمتلك الحق في تحجيم أي تطور للملكية الفردية للأرض، وكنتيجة فهي تمتلك حق حظر استثمار تراكمات رأس المال المستخرج إما من التجارة أو من الانتفاع من الأملاك. هكذا نكون قد أبرزنا عدداً من المظاهر التى ميزت أسلوب الإنتاج الآسيوي، وننتقل الآن إلى تلمس تنظيم الدولة في التركيبات الاجتماعية ذات النمط الآسيوي.
عموماً يمكن الإشارة إلى ثلاثة فروع رئيسة لتنظيم الدولة في النمط الآسيوي للإنتاج:
1 تنظيم عسكري مكون من جيش ضخم يجند من القرى للدفاع عن الدولة ضد الدول المنافسة.
2 تنظيم إداري يحكم الأقاليم ويشرف على مسئولية التجنيد، والتوظيف، وتدريب الموظفين، وجمع الضرائب ومالية الدولة، والاحتفالات، وتحقيق العدالة.
3 تنظيم الأعمال العامة، وإدارة الصناعة التابعة للدولة، وتنظيم التجارة الداخلية والخارجية.          
فلتكن النقطة الثانية بداية لتناولنا لتنظيم الدولة: من يمتلك السلطة في إطار التنظيم الإداري؟ إذا أخذنا المعطيات المتوفرة لنا عن مصر الفرعونية أو كوش أو الجزيرة الفراتية أو جنوب الجزيرة العربية أو فارس أو الهند أو الصين فاننا نجد أن سلطة الدولة تنتقل حسب النظم القرابية، بالتالي تعتمد على ملك فردى قوى يكون حكمه شرعياً عبر الميلاد والنسب والتقاليد، والجهاز الفعلي للدولة، بغض النظر عن شكل الإدارة المركزية أو اللامركزية، يمكن تقسيمه إلى إدارات تخضع لسيطرة سلك كامل من الموظفين الذين يقومون بأداء الوظائف الطقوسية والإدارية والدينية والفكرية وغيرها، ولكن على قمة هذا الجهاز يوجد الملك وأفراد عائلته وأقاربه. إن الأيديولوجيات التى يعبر من خلالها عن السلطة السياسية للملك، والمفهوم العام للعلاقة بين الملك والدولة من جانب، والمشتركات القروية من جانب آخر في التركيبات الاجتماعية المميزة لأفريقيا والشرق القديم، تنطوي على عناصر تتواتر بصورة متكررة. سنحاول هنا إعطاء تلخيص مقتضب لنتائج الكم الهائل من الأبحاث التى كتبت حول الموضوع من خلال التركيز على النموذج السومري.
 http://arkamani.net/ar/index.php/2013-01-12-20-38-06/2013-02-16-20-56-48/2013-02-16-21-11-28

351 مشاهدة