مقاربة النوع الاجتماعي في علاقته بالتنمية

 

في البدء:

   كيف نقرأ  مقاربة النوع الاجتماعي في علاقته بالتنمية؟ كيف يمكن ان نؤسس لخطاب النوع الاجتماعي حول التنمية؟ ووفق اي مقاربة يمكن تفعيل التنمية؟

كل هذه التساؤلات تمتلك جانبا من المشروعية بحكم راهينيتها في الانطرح باعتبارها مدخل اساسي لعرضنا، لهذا ننشغل باكتشاف العلاقات الممكنة بين النوع الاجتماعي والتنمية وذلك ان دراسة هذه العلاقات تساهم في توسيع دوائر النقاش العلمي حول مقاربة النوع الاجتماعي ، كما انها تساهم في فتح افاق ومسارات جديدة في اسئلة الاشتغال، ولهذا فان اي دراسة في هذا الباب من شانها ان تقود  نحو اختيار تصورات جديدة للتعاطي مع التنمية في علاقته بالنوع الاجتماعي ومن شانها ايضا ان  تفيد في تجاوز القصور الذي قد تعتري التنمية بالمغرب

لكن لنتساءل في البدء عما نقصده بالنوع الاجتماعي ونتساءل بالتحديد عن السياق التاريخي لظهور مقاربة النوع الاجتماعي على المستوى الدولي وكذا على المستوى الوطني؟ ماهي اسس مقاربة النوع الاجتماعي؟ ماهي الادوات والمفاهيم الاساسية التي تعتمدها مقاربة النوع؟

ربما يكون من الاجدى دوما طرح مثل هذه التساولات لتقريب النوع الاجتماعي، وربما يفرض بقوة على المهتم بالتنمية سواء كان اهتمام علمي او عملي، ان يعيد طرح هذه التساؤلات وعلى اكثر من صعيد من اجل الفهم والتفسير، فالمدخل المحتمل للاشتغال على النوع الاجتماعي في علاقته بالتنمية معرفيا يكون بدءا عبر التحديد المفاهيمي الذي ينبغي ان يكون اجرائيا بالاساس.

  تحديد المفاهيم الاساسية :

·    مفهوم النوع الاجتماعي:

يعتبر مفهوم النوع من المفاهيم الجديدة التي برزت بصورة واضحة في الثمانينات من القرن الماضي، وقدم هذا المفهوم بواسطة العلوم الإجتماعية من خلال دراسة الواقع الاجتماعي والسياسي ، كمحاولة لتحليل العلاقات و الأدوار والمعوقات لكل من الرجل والمرأة .

ويقابل مفهوم النوع  مفهوم الجنس . والفرق بين الأثنين أن مفهوم الجنس يرتبط بالمميزات البيولوجية المحددة التي تميز الرجل عن المرأة ، والتي لا يمكن أن تتغير حتى أن تغيرت الثقافات أو تغير الزمان والمكان .

ورغم إن مفهوم النوع هو إشارة للمرأة والرجل إلا أنه أستخدم لدراسة وضع المرأة بشكل خاص أو كمدخل لموضوع ( المرأة في التنمية ) .

أن الدور الذي يقوم به أي من النوعين هو نتاج سلوك مكتسب، وعلي هذا السلوك تتحدد العلاقات و الأدوار التي يقوم بها كل من الذكر والأنثى، ولا شك أن دور كل نوع يتأثر بالبيئة الاجتماعية و الثقافية و الجغرافية والاقتصادية والسياسية.

نعتمد مفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي في هذا السياق على اعتباره نسق يحدده المجتمع من تفاعل ادوار وعلاقات بين النساء والرجال النوع الاجتماعي، Sexe social وعلى خلاف الجنسSexe biologique الذي يتم تحديده بناء على الجوانب البيولوجية للإنسان المتضمنة للصفات الفيزيولوجية والتي تفرق ما بين الذكر والأنثى من خلال الكر وموسومات والصفات التشريحية، الإنجابية والهرمونية، فان الجندر يتضمن تلك الصفات الاجتماعية والحضارية المرتبطة بالرجال والنساء في اطار محتوى اجتماعي زمني محدد.

     مفهوم التنمية:

  تنطوي التنمية في أبلغ صورها على “إحداث نوع من التغيير في المجتمع الذي تتوجه إليه، وبالطبع فهذا التغيير من الممكن أن يكون ماديا يسعى إلى رفع المستوى الاقتصادي و التكنولوجي لذات المجتمع ، و قد يكون معنويا يستهدف تغيير اتجاهات الناس و تقاليدهم و ميولهم”[1]، فالأمر يتعلق إذن بعمليات هادفة محدودة في الزمان و المكان تراهن على التغيير الإيجابي طبعا ، إن التنمية في مختلف أشكالها و تصوراتها تستهدف أبعادا مفتوحة على ما هو لوجيستيكي أو ما هو معنوي تقود ختاما نحو تغيير  السياسات و الممارسات و المواقف .

لكن تعريف التنمية يظل مرتبطا دوما بالخلفية العلمية و الاستراتيجيات النظرية ، فعلماء الاقتصاد مثلا يعرفونها بأنها الزيادة السريعة في مستوى الإنتاج الاقتصادي عبر الرفع من مؤشرات الناتج الداخلي الخام ، في حين يلح علماء الاجتماع على أنها تغيير اجتماعي يستهدف الممارسات و المواقف بشكل أساس ، و هذا ما يسير على دربه المتخصصون في التربية السكانية . إنه لا يوجد تعريف موحد للتنمية ، إنها ترتبط بالتصنيع في كثير من الدول ، و ترمز إلى تحقيق الاستقلال في أخرى ، بل يذهب الساسة مثلا وصفها بعملية تمدين تتضمن إقامة المؤسسات الاجتماعية و السياسية ، بينما يميل آل الاقتصاد إلى معادلة التنمية بالنمو الاقتصادي[2]، و هذا الاختلاف الذي يبصم مفهوم التنمية هو الذي سيدفع بعدئذ إلى عمليه استدماج مفاهيمي تلح على أن التنمية هي كل متداخل و منسجم ، و أنه تكون ناجعة و فعالة عندما تتوجه في تعاطيها مع الأسئلة المجتمعية إلى كل الفعاليات المعبرة عن الإنسان و المجتمع، عبر مختلف النواحي الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية والبيئية… ذلك أن الاقتصار على البعد الاقتصادي في تعريف التنمية يظل قاصرا عن تقديم التعريف  المحتمل للتنمية، و لهذا فالتنمية لن تكون غير تحسين لشروط الحياة  بتغييرها في الاتجاه الذي يكرس الرفاه المجتمعي .

 السياق التاريخي لظهور مقاربة النوع:

      مقاربة النوع الاجتماعي،جاءت كنتيجة للنضالات التي خاضتها الحركات النسوية منذ القرن التاسع عشر، وتراكم حقل معرفي لدراسات وكتابات فكرية وفلسفية حول وضع ومكانة وادوار المرأة في المجتمع.

ويمكن تتبع هذه الإرهاصات الأولى وتطور الخطاب حول النوع من خلال مستويين:    

1-   على المستوى الدولي:

1.1        الحركات النسوية:

   برز مصطلح النسوية سنة 1895 كتعبير عن تيار ثقافي واجتماعي جديد في أوربا (في فرنسا بشكل خاض يعمل من اجل تحقيق حقوق الحرية والمساواة للمرأة).

مثلا:Annmaria Mozzoni  مفكرة ايطالية من أبراز الداعيات إلى تحرر  النساء عبر العمل والمشاركة السياسية.

أ-  من الحركة النسوية بكونها حركة اجتماعية وسياسية أي لم تكن ذات مضمون فكري أو ثقافي بالرغم من توفر بعض الأعمال المهمة في هذا الإطار، ككتاب John Stuart Mill الذي أصدره سنه 1869 بعنوان “خضوع النساء ‘’de l’assujettissement des femmes ‘’1869. الذي أكد فيه ” انه لا وجود لعبد بلغت عبوديته أشدها أكثر من المرأة” كما دافع عن حقوق متساوية بين الجنسين.

كما تميزت هذه الموجة الأولى من الفكر النسوي  بطمس الخصائص الأنثوية المميزة في مقابل تبني النموذج الذكوري كنموذج حصاري للإنسان (محاكاة الرجال في الملبس وغيره).

ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى وخلو المعامل من الرجال من اجل الحرب خرجت النساء إلى العمل، وابتداء من 1920 حققت الحركة النسوية في أوربا العديد من أهدافها الاجتماعية والسياسية خصوصا الحق في المواطنة (في أوربا الحديثة فان النساء لم يملكن حقوق المواطنة كحق التصويت إلا في سنة 1928 في بريطانيا و1944 في فرنسا، و1945 في ايطاليا).

وبفعل عوامل المثاقفة، امتدت أثار الفكر النسوي إلى العالم العربي، وتميز هذا الأخير بكون بعض المثقفين من الرجال العرب هم من رفعوا شعارات النضال النسوي، وذلك لسببين:

-النساء العربيات في هذه الحقبة من التاريخ كن سجينات المجتمع التقليدي الوصاية والأمية… باستثناء هدى الشعرواي في مصر ونصيرة زين الدين في لبنان.

– قضية المرأة كانت تندرج ضمن إشكالية الإصلاح التي شغلت بال المفكرين والمتنورين لرواد فكر النهضة، الذين وضعوا موضوع أمثال رفاعة الطهطاوي، قسم أمين، هدى الشعراوي، نظيرة زين الدين في المشرق، وفي المغرب العربي مصطفى كمال، علال الفاسي والطاهر الحداد.

ب – من الفكر النسوي بنضجها الفكري والمعرفي إذ تجاوزت المطالبة بالمساواة مع الرجال والاقتداء بالنموذج الذكوري إلى مرحلة البحث عن إطار نظري أعمق واشمل يكون حاملا لإيديولوجيتها، وهو ما تحقق مع كتاب سيون دوبوفوار ” الجنس الثاني” الصادر سنة 1949، فلقد شكل هذا الكتاب وفلسفته المبنية على أساس “المرأة لاتولد امرأة بل تصبح امرأة” مشكلا مرجعا ذا راهنية مستمرة،حيث أمد الفكر النسوي بأدوات منهجية وتحليلية فكرية كانت في حاجة إليها من اجل الحجاج والمطالبة بالحقوق، إلى حد اتحاد الموقف الراديكالي الذي عرفته الحركة في الستينيات ثورة طلاب فرنسا ماي 1968، حيث تجسد تأثير كتاب دوبوفوار على الطالبات والنساء، خصوصا في مسالة الخصوبة ووسائل منع الحمل، فراحت النساء في هذه الفترة ترددن، تأثرا بدوفوار دائما: 

  « Un enfant quand je veux ,si  je veux »وباختصار، فان الموجة الثانية من الحركة النسوية تميزت بكونها اعادة اكتشاف الذات الانثوية بعيدا عن محاكاة الرجل، اي الليبرالية الانثوية، والتحرر من النموذج الحضاري للانسان/الرجل (خاصة بامريكا).

ج-  النسوي فتميزت بكونها فلسفة نقدية لما بعد الحداثة تحمل قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والمحافظة على البيئة وتحرير الشعوب، تميزت كذلك ببروز واضح لخبرات المراة وامكانياتها العلمية والمعرفية والثقافية وهي نهاية مرحلة يلخصها بيير بورديو في كتابه 1998  la domination masculine: ” ان التغير الاكبر الذي حدث هو ان الهيمنة الذكورية لم تعد بالأمر البديهي المفروغ منه ولاشك ان ذلك راجع الى العمل النقدي الكبير للحركة النسائية”.

2.1 على مستوى الخطابات الرسمية الدولية:

أدى النضال النسوي في أوربا وأمريكا إلى دخول الخطاب حول المرأة والمساواة في الخطابات والمحافل الدولية: ( فمثلا أدت مظاهرة اللجنة الوطنية للمرأة التابعة للحزب الاشتراكي الأمريكي فبراير سنة 1909 إلى إقرار يوم 8 مارس من كل سنة كيوم المرأة، الشيء الذي تبنته نساء أوربا منذ 1910 بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي الثاني للنساء الاشتراكيات في كوبنهاكن ثم سيتم تدويل هذه المناسبة فيما بعد كمناسبة للدعوة إلى تحسين أوضاع المرأة. )

-الإقرار بمبدأ المساواة بين الرجال والنساء في ميثاق الأمم المتحدة 1945 وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، واتفاقية المساواة في الأجور 1951، وميثاق الحقوق السياسية للمرأة 1952.

-اعتبار سنة 1975 سنة دولية للمرأة وأعقب ذلك إعلان العشرية 1971-1981 ” عقدا دوليا للمرأة” الذي تبنى العناوين الرئيسية التالية:المساواة، التنمية، السلام إلى جانب مواضيع أخرى مثل الصحة، التعليم والعمل.

وفي خضم هذا العقد، وبالضبط سنة 1975 صدرت بكوبنهاكن اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة المعرفة اختصار ب: CEDAWوهي جامعة- أي الاتفاقية- لكل حقوق المرأة.

حيث دعت في بندها الأول إلى: “نزع أي تفرقة أو إقصاء أو تقيد ليتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه إعاقة أو إحباط الاعتراف للمرأة وبحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان أخر، أو إعاقة أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو مماستها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل”.

وفي سنة 1995، وخلال انعقاد مؤتمر بكين في شتنبر1995، من طرف FNUAP  سيتم الحديث عن مقاربة النوع، وتعريفه حيث اعلنت الامينة العامة للمؤتمر في خطابها التوجيهي عن تحول جدري في مقاربات الحركة النسائية من خلال قولها: “…فلم نعد نؤكد على المشاكل التي تعاني منها المرأة، بل اصبحنا ننظر للمشاكل الدولية من زاوية خصوصيات الجنس اي النوع، وعليه يجب ان ينصب اهتمامنا على الكيفية التي تجعل المشاكل الدولية تطال النساء، وكيف يكون باستطاعتهن المساهمة في حل تلك المشكل”.

وهكذا جاءت مقاربة النوع لسد فراغات وثغرات وسياسات دولية مقاربات سابقة اهمها:

–         Les femmes dans le développement                       

–     Femmes et développment   

–         Genre et développement                                 

2- في المغرب:

يجمع كل من عبد الصمد الديالمي في مقاله Famille, femme et sexualité au maroc :1912-1996.

وعائشة بلعربي Le mouvement associatif feminin

وهما مقالان مدرجان بمجلة prologues/عدد9/ ماي 1997

يتفقان على ان النضال والخطاب حول المراة ابتداء منذ عهد الحماية في المغرب مع الحركة الوطنية من اجل الاستقلال والتاثر الكبير بايديولوجية حركة النهضة بالدول العربية الداعية الى تعليم المراة واشراكها في الشان العام.

على ان فترة الاستقلال لم تسمح بوجود تنظيم نسائي مستقل ومنظم نظرا لوجود مشاكل سيلسية واقتصادية كان المغرب لم يحسم معها بعد.

الا انه ومنذ الثمانينات، نضج الخطاب النسوي ليتجه نحو النوع بالمغرب وتمحور حول المطالب التالية:

–     المساواة بين الجنسين.

–     مراجعة المدونة Code et statut personnel

–     اشراك المراة في الحقل السياسي.

–     تطبيق المواثيق والاتفاقيات الدولية بدون تحفظ(CEDAW)

–     اشراك المراة في التنمية، هنا برزت مقاربة النوع من اجل تدارك فشل سياسات السابقة حول المراة والتنمية.

ومن اهم الكتابات حول النوع بالمغرب:

* خلود السباعي: الجسد الانثوي وهوية الجندر

* زينب معادي: الجسد الانثوي وحلم التنمية

 بالاضافة الى كتابات ومقالات سوسيلوجية لكل من فاطمة المرنيسي، غيثة بالخياط، عائشة بلعربي، نعيمة الشيخاوي…

         

1-        ماهي اسس مقاربة النوع الاجتماعي؟

 تقوم مقاربة النوع الاجتماعي على فرضية مؤداها في كل مجتمع تكون المزايا والمصالح غير موزعة بالتساوي، بمعنى ان الموارد والمنافع التي تقدمها مشاريع التنمية تعود عادة بالنفع على الرجال اكثر من النساء، كما تتاثر بمتغيرات اجتماعية اخرى من قبيل الدين، والطبقة الاجتماعية والعرق والفئة الاثنية… وغيرها.

وفي هذا السياق، يحدد الاستاذ ابراهيم لاباري مجموعة من الاسس النظرية والمنهجية في الاشتغال وفق مقاربة النوع الاجتماعي:

1-   تفكيك ماهو مبني ثقافيا وليس  الاكتفاء  بوصفه في اطارمقاربة النوع الاجتماعي [3]

2-    مقاربة النوع الاجتماعي لاتكتمل مفاهيهيا اذا لم تتطرق الى ضرورة المساواة بين الجنسين.

3-    بعد التفكيك والفهم تقوم باعادة بناء ماهو اجتماعي على اسس المساواة والانصاف ( اي التمييز الايجابي)Reconstruction.

4-    ننطلق في الاشتغال على النوع الاجتماعي من معرفة الموقع الاجتماعي للرجال والنساء،داخل النظم والبنيات الاجتماعية…

وعليه يحدد  خصائص مقاربة النوع الاجتماعي في ما يلي:

–     التفكيك( تفكيك الاختلاف والتمييز بين المراة والرجل)[4]

–     هدم هذا البناء الاجتماعي للاختلاف والتمييز بين النساء والرجال.

–     تحليل كيفي للاوضاع والسياقات الاجتماعية.

–     تحليل مقارن بهدف الفهم واعادة بناء العلاقات بين الرجال والنساء على اساس المساواة والانصاف.

–     في اطار نظام اجتماعي شامل وجديد، وهذا يعني الاشتغال وفق مفهوم ” جندري” يعتمد بمبداين اساسين: الهدمDéconstruire  واعادة البناء Reconstruireويمكن تحديد مراحل واوجه هذا المفهوم في النقط التالية:

–         Désacraliser

–         Historiser

–         Constextualiser

     وعيله، فان تطبيق مقاربة النوع في السياسات الاجتماعية وفي اليساسات التنموية بشكل خاص، من شانه ان يترجم عمليا في الحد من اللامساواة بين الجنسين عن طريق اشراك المعنيين في برامج التنمية، رجالا ونساءا، وفي جميع مراحلها: التخطيط، التنفيذ، والتقويم، وخصوصا في اقتسام الموارد والمنافع، وعلى هذا النحو، يتحول مفهوم النوع تدريجيا من اداة للتحليل الى اداة معيارية، يعني عن طريقها يمكن قياس مدى نجاعة المشاريع التنموية واهدافها ومدخلاتها ومخرجاتها في تحقيق النفع لكل من الفئات الاجتماعية خاصة رجل/امراة اي مراقبة مدى تحقيق العدالة الاجتماعية في تقاسم المنافع.

2    ماهي الادوات والمفاهيم الاساسية التي تعتمدها مقاربة النوع؟

1-      تقسيم العمل وفقا النوع الاجتماعي

وهو ما نطلق عليه عادة اسم التقسيم الجنسي للعمل، او بالاحرى تقسيم العمل طبقا للنوع الاجتماعي، اي ادوار الجنسين المؤسسة اجتماعيا والمهم هنا هو ملاحظة انواع العمل التي يقوم بها الرجال والنساء كل على حدا والتعرف على كمية الوقت الذي يقضيه كل من الرجال والنساء عند قيامهم بهذا العمل او ذاك.

2-     ادوار النوع الاجتماعي:

لتمييز هذه الادوار ،قامت كارولين موزر سنة 1985 بتصنيف الادوار التي يقوم بها الرجال والنساء في ثلاثة انماط وهي:

·       ادوار الانتلج:الاعمال الماجورة للنساء والرجال (فلاحة…)

·       ادوار اعادة الانتاج:ويقوم على رعاية قوة العمل الحالية( الزوج والابناء العاملين) او قوة العمل المستقبلية هذا الدور لايعتبر عملا حقيقيا غير ماجور وغير معترف به مثلا: ( جلب الماء، رعاية الابناء ، جلب الحطب…)

·       ادوار خدمة الجماعة: تطوعي وغير ماجور، الرعاية الصحية مثلا…

3-     الولوج الى الموارد والتمكن منها

مثلا اراضي الجموع تشتغل فيها النساء دون ان يمتلكنها، حيث يظل ارثها حكرا على الابناء الذكور، وتقتصر الاستفادة من غلالها فقط.

هناك نموذج اخر، فمثلا تحصل المراة على مال عن طريق قرض لتمويل مشروع صغير تقوم به، لكنها لاتستفيد من مردوديته،بل الزوج.

4-     العوامل المؤثرة  Facteurs D’influence

وهي العوامل التي تؤتر في العناصر السابقة التي اشرنا اليها( الادوار، التمكن من الموراد..) من قبيل النظام السياسيي، الاعراف الثقافية، نظام التعليم، القوانين القائمة، الظروف التاريخية و الاقتصادية، الدين ، العرق واللون، الاعلام… مثلا: في كتاب زينب معادي: الجسد الانثوي وحلم التنمية، تبين كيف ان العوامل الثقافية والعادات المرتبطة بالجسد تؤثر سلبا على مشاريع تنمية المراة القروية.

5-     الحالة والوضعية Conditions et situation

مستوى تحليلي لكيفية عيش النساء ووضعيتهن في جماعتهن التي ينتمين اليها،مثلا: احصائيات حول معدل الامية داخل صفوف النساء،نسب استهلاك الاراضي، نسبة العمل…

6-     الحاجات العملية والحاجات الاستراتيجية:

Besoins pratiques et besoins stratéqiques

·       الحاجات العملية: غداء سكن صحة، تعليم..

·       الحاجات الاستراتيجية: لاتتحقق الا على المدى البعيد، تتعلق بنقص الموارد وغياب التعليم ، العنف.

7-     امكانيات التغير les possibilités de transformation

وتعني تيسير التحول وجعله تحولا سلسا، يتضمن التحول المواقف، العقليات، التمثلات الاجتماعية، وكذا الاوضاع والمواقف بكل من الرجال والنساء.

       خاتـمة:

 تهدف مقاربة النوع تحقيق تحوا اجتماعي مبنى على اساس المساواة والعدالة الاجتماعية، ويقتضي ذلك، اشراك جميع المعنيين رجالا ونساءا في سيرورة التنمية بمفهومها الحديث،

  اي جعل الصحة والتعليم والمشاركة الاقتصادية والسياسية وغيرها من محاور للتنمية الاساسية متاحة للمراة والرجل على حد سواء بحيث يتم تمكين جيمع افراد المجتمع في المساهمة في تنمية مجتمعهم بما يعظم من استثمار الموراد البشرية المتاحة، ومراعاة احتياجات مختلف فئات المجتمع في الخطط وبالتالي تفهم افضل للادوار التييؤديها الرجال والنساء ومن تم ردم الهوة بين مختلف الفئات والطبقات وتحقيق العدالة الاجتماعية.

المراجع 

[1]  شاكر إبراهيم ، الإعلام و التنمية ، نفس المرجع السابق .ص.133.

[2] فريديريك هاريسون، الموارد البشرية و التنمية ، ترجمة سعيد عبد العزيز ، معهد التخطيط القومي ، القاهرة ، 1984.ص.68.

[3]  ابراهيم لاباري: محاضرات  السداسي السادس،مسلك علم الاجتماع،مجزوءة النوع الاجتماعي، كلية الاداب والعلوم الانسانية،جامعة ابن زهر، اكادير،2011

[4]  الوافي العربي:مقاربة النوع والتنمية المعرفة للجميع العدد 35.

      5  بيير بورديو : الهيمنة الذكورية.

493 مشاهدة