من هو عبد الله ابن المقفع؟

من هو عبد الله ابن المقفع؟

تقديم

عبد الله ابن المقفَّع من أشهر أدباء المسلمين، وهو مفكر حكيم واسع الثقافة، عاصر الدولتين الأموية والعباسية، وترجم عدة كتب إلى العربية، كما ترك مؤلفات قيمة أثرت المكتبة العربية والعالمية بعدما تم نقلها بلغات أخرى.

تعريف عبد الله ابن المقفع

اسمه روزبه بن داذويه وكنيته أبو عمرو من أصل فارسي ودين مجوسي، لكنه أسلم على يد عيسى بنِ علي عم الخليفةِ أبي جعفر المنصور، وتسمى بعبد الله وتكنى بأبي محمد، ويقال أن سبب تسمية بابن المقفع لأن والده مد يده لخزينة مال المسلمين التي كان مؤتمنا عليها، فقام الحجاج بن يوسف بضرب يديه حتى تفقعتا أي أسيبتا بالشلل نتيجة الضرب المبرح.

ولد عبد الله ابن المقفع في بلاد فارس عام 724م، ولو ان بعض المصادر ترجح أنه ولد بمدينة البصرة بالعراق، ونشأ متشبعا بالثقافة الفارسية متقنا للغة الفهلوية وهي اللغة الفارسية بعدما تعلم من والده الكاتب في الديوان، ثم انتقل إلى البصرة حيث حضر مجالس العلم ونهل من العلماء والفقهاء وأهل الحديث مختلف العلوم والآداب.

عمل عبد الله كاتبا في دواوينِ بعضِ الولاة لكنه تجنب مخالطة الخلفاء تجنبا للمؤامرات والمكائد في زمن فتنة الصراع على الحكم بين الأمويين والعباسيين.

موت ابن المقفع

رغم حرص ابن المقفع على الابتعاد عن الخلفاء وتجنب شرهم إلا أنه كان ضحية لسطوتهم، وحسب ما نقل عن موته أنه كان أوغر صدر الخليفة أبي جعفر المنصور، وذلك حين خرج عليه عمه عبد الله بن علي والي الشام فحاربه المنصور بجيش على رأسه أبو مسلم الخراساني، فهزمه أبو مسلم، وفر العم فلاذ بأخويه الشقيقين سليمان وعيسى، وكانا بالبصرة فآوياه، وطلبا له الأمان من الخليفة فأمَّنَه، وعُهد إلى ابن المقفع كاتب عيسى بن علي بكتابة الأمان لعبد الله، ويقال إن ابن المقفع كتب الأمان وبالغ في الاحتراس من كل تأويل يقع عليه فيه، وأسرف في توكيد الأمان فلم يتهيأ للمنصور إيقاع حيلة فيه لفرط احتياط ابن المقفع، ومن ذلك قوله: «ومتى غدر أمير المؤمنين بعمه عبد الله فنساؤه طوالق، ودوابه حبس وعبيده أحرار، والمسلمون في حل من بيعته».

وكتب في الأمان كلامًا كثيرًا لا يتفق وعزة الملوك وهيبتهم وكرامتهم، فلما قرأه المنصور امتلأت نفسه غيظًا، وسأل عمن كتبه فقيل له: ابن المقفع كاتب عيسى بن علي، فقال أبو جعفر: «فما أحد يكفينيه؟».

وكان سفيان بن معاوية بن يزيد حاقدا على ابن المقفع كان يسخر منه ويتندر عليه بسبب كبر حجم أنفه، فكان إذا دخل عليه قال: السلام عليكما، وكان يسأله عن الشيء بعد الشيء، فإذا أجاب قال له: أخطأت، ويضحك منه، فلما كثر ذلك على سفيان غضب وتحين فرصة الانتقام منه.

وأجاب سفيان دعوة الخليفة المنصور وقبض على ابن المقفع فقال: قد وقعتَ والله!، فقال ابن المقفع: أنشدك الله أيها الأمير، فقال سفيان: أمي مغتلمة كما ذكرتَ إن لم أقتلك قتلة لم يُقتل بها أحد قط.وأمر بِتَنُّور فأُسْجِر، ثم أمر بابن المقفع فقطع منه عضو ثم ألقي في التنور وابن المقفع ينظر حتى أتى على جميع جسده، ثم أطبق عليه التنور.أشارت بعض المصادر التاريخية على أن ابن المقفع انتحر بشرب السلم بعدما قبض عليه سفيان، واكد البعض أنه خنق نفسه، في حين أن هناك من رجح إقامة الحد عليه بالقتل لأنه اتهم بالزندقة واضماره للمجوسية دينه الأوّل.

وبهذا لم يعمر عبد الله اش ابن المقفّع طويلا فقد مات في عقده الثالث ويقال في سن السادسة والثلاثين حوالي سنة 760م، رحل تاركا موروثا نفيسا مازال حيا لحد الساعة.

آثار ابن المقفع

خلف عبد الله ابن المقفع عدة مؤلفات وترجمات، بعضها فقد وبعضها وصل إلى العصر الحالي ومن أشهر كتبه كتاب كليلة ودمنة الذي كتب باللغة السنسكريتية من قبل الفيلسوف بيدبا الهندي للمك دبشليم الذي حكم الهند بعد فتح الإسكندر لها، ونقل إلى اللغة الفهلوية التي كان يجيدها ابن المقفع افترجمه إلى اللغة العربية، ثم فقد الأصل الهندي والفهلوي ولم يبق من التراجم الأولى غير الترجمة العربية لابن المقفع وعنه نقلته الأمم الأخرى إلى لغاتها.

كما ألف ابن المقفع كتاب الأدب الصغير وأثراه بالحكم والمواعظ، بأسلوب مميز وفكر سوي، وكذلك كتاب الأدب الكبير حيث أورد فيه نصائح وارشادات وجعله من قسمين،أولهما عن علاقة الراعي بالرعية، والثاني في علاقة الرعية بعضها ببعض.

608 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *