هي دنيا وليست جنة..

هي دنيا وليست جنة..

صغيرة هي في العالم الكبير، تتيه بين أحلام الطفولة وذكريات الأهل والأصحاب حينا، وحينا آخر تبحث بين الدفاتر والكتب القديمة عن حبر لم يجف علها تستعمله لتكتب حكايات بريئة عن النبل والقيم البسيطة، ولكن هيهات فكل الصحف جفت ولم يعد هناك مداد لخط المزيد على صفحات أيام أناس آثروا الماديات على كل أُثر طيب وخلق سوي، ورأووا في سهر الليالي مجونا وصخبا لأجساد تتمايل ثملة لا قياما وسكينة روح تخر ساجدة من خشية الله رغبا ورهبا.

ضائعة هي بين أكاذيب الجناة وما يشيعونه من أخبار مغلوطة تصير بين عشية وضحاها أحاديث رائجة تحقق السبق وتشغل العامة، وتتصدر الترند على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي..

لأنها مضت مترفعة عن دنيا الخطايا، لأنها سبحت في حوض منعزل عن بحر الرزايا، تجلدت والجرح دواها، وقررت السعي لمبتغاها، رفضت أن تخيب كل رؤاها، بعدما وجدت من حولها يجذب روحها بقوة للدرك الأسفل، وبين المقاومة والأمل انعقد العزم ولكن في زمن تهرق فيه دماء الصادقين قربانا لنظم مستبدة، وأعراف تخالف الشرع عنوة لكنها تلقى المباركة والولاء، فالعلن عكس الخفاء، وما يحدث في السر لا ضير منه لأن نواميس العقاب لن تطاله، وحق التميز والحصانة قائم.

بعد مضي السنون تعلمت جيدا أن العطاء قد ينفذ، والتسامح صار يفسر على أنه ضعف، لكنها اليوم جمعت كل قواها ووجدت الجرأة لتقول:” كفى.. سأنتبه لنفسي لن أجعل الايثار خصلة مع من لا يقدرونه، لن اتخذ العطاء شعارا مع بخلاء المروءة فقراء الأدب، لن أقدم رغبات الغير على رغبات النفس، آن الأوان لأعيش لنفسي، وأحب روحي، وأهتم باهتماماتي،لن أخالف أبدا شرعة الإيمان وسألج باب الفضل مع من يستحقه، فأما اللئام ومن يبايعون أنفسهم قضاة وجلادين على غيرهم تجنبا لمحاسبة ذواتهم الآثمة ونفوسهم المريضة فلن يكونوا إلا أصفارا شمالية، وسأوجه نحوهم المرايا المحدبة لتعكس لهم الأضواء البراقة الزائفة التي يجعلونها حولهم هالة كالسراب تتلاشى أمام أنوار الحقيقة في دنيا فانية والرضا بالقدر هو راحتها.. فلا شيء يكتمل فيها حسب الرغبة، لكن علي مواصلة المشي في درب النضال والانجاز مهما طالت المسافة…”.

467 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *