2021 عام آخر يرحل وكورونا باق

2021 عام آخر يرحل وكورونا باق

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر وصل عدد الأشخاص الذين فقدوا حياتهم بسبب فيروس كوفيد-19 خمسة ملايين شخص، وسيرحل هذا العام تاركا وراءه وباء لم يكتف من حصد الكثير من الأرواح ويريد المزيد.

رغم إعادة فتح الاقتصادات المتضررة على خلفية الإغلاق والقيود المفروضة على حركة التنقل والسفر تفاديا لانتشار وباء كورونا، إلا أن عددا من الشعوب تأثرت بهذه الإجراءات، وارتفعت معدلات الفقر والبطالة، حتى في الدول المصدرة للمواد الطاقوية تراجعت القدرة الشرائية وارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية الخدماتية ولم يشفع لها ازدياد الطلب على الغاز ووصول قيمته إلى مستويات قياسية.

تفشي فيروس كوفيد-19، كانت له تداعيات عديدة على مختلف المستويات، الصحية (الجسدية والنفسية)، الاقتصادية، الاجتماعية حيث منذ أن أعلنت الصين في 11 جانفي 2020 أول حالة وفاة بعدما أخفت ظهور فيروس كورونا في ديسمبر 2019، انتقل بسرعة إلى باقي أنحاء العالم وانتشر المرض ليصنف الفيروس الجديد كجائحو عالمية

واعترافاً بأن أزمة كوفيد-19 ليست أزمة صحية عمومية فحسب، بل أزمة تمس جميع القطاعات، أعاد ﺗﻳدروس أدﻫﺎﻧوم ﻏﻳﺑرﻳﺳوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تأكيد الدعوة إلى البلدان بأن تتخذ نهجاً شاملاً للحكومة ككل يستند إلى استراتيجية شاملة للوقاية من العدوى وإنقاذ الأرواح وتقليل الأثر إلى أدنى حد ممكن، لكن الفيروس واصل تحديه وتطور إلى متحور أوميكرون.

عام 2021 حمل معه الكثير من الأسى فامتزجت دموع الخشية والرجاء بدموع الفقد والعزاء، رحل أناس كثر ومعهم سرب آخر من القيم ونبل الأخلاق، وتغيب مظاهر الود والطيبة، وتضيق السبل بالكثيرين فيضيعون بين الابتلاء والبلاء ولا يرون منح الله تعالى من محنة كورونا، وما به علينا من نعم للتدبر والتبصر والمبادرة قبل أن فوات الأوان والوصول إلى نقطة النهاية بلا تدارك لحظة الرحيل الأخير.

قد نتوسم أن القادم أفضل ونرجو من الخالق أن يرفع الوباء ويبعد البلاء ويهدي خلقه لما يحب ويرضى، كأمة إسلامية لا ملجأ لنا من الله إلا إليه وعلينا أن ندرك أن المصاب ما كان ليخطئ، ومهما ادعت الدول العظمى أنها تتحكم بالعالم وتحكمه فلا حاكم ولا مدبر لشؤون الخلق إلا الله وحده لا شريك ولا منازع له في ملكه وتدبيره.
والنبي الأمي عليه الصلاة والسلام الذي لم يملك تكنولوجيا متطورة ولا مجاهر إلكترونية دقيقة ولا لقاحات مبتكرة حذر أمته منذ 14 قرن مما لحق بها اليوم، وعليه فعلى أمته أن لا تلتزم بغير نصائحه لأنها من وحي إلهي و بها السبيل للنجاة ومنها:

  1. المسارعة إلى التوبة والرجوع إلى طريق الحق ورد المظالم وإنكار المنكر الذي صار يمشي على قدمين بيننا ولنراجع أنفسنا وتقصيرنا، فالبلاء ينزل بالذنب ويرفع بالتوبة.
  2. غلق باب المنكرات ودرء المفاسد، فقد صار المجون والضلال يغزو كل مكان، وإن لم يقصد الواحد أماكن الفسق والباطل فإنها ستدهل بيته من غير استئذان، وحجم الانحلال على مواقع التواصل الاجتماعي والمجاهرة بالمعاصي شاهد حي على جرأة بعض الخلق على حدود الله.
  3. التوكل على الله وعدم الجزع من قضائه ونشر الخوف والهلع، أو الاعتراض على ما كتبه جل وعلا.
  4. المداومة على الصلاة بخشوع وتضرع، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر أي أهمه وأشغله فزع إلى الصلاة، وقد قال الله عز وجل:” وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ”.
  5. الذكر والدعاء ومنها التحصين بأذكار الصباح والمساء ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:” ما من عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءِ كلِّ ليلةٍ بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وَهوَ السَّميعُ العليمُ ثلاثَ مرَّاتٍ إلا لم يضرَّهُ شيء”.
  6. الوضوء والاغتسال ومنه الاعتناء بالنظافة، واستعمال المناديل وتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس.

المسلم يحيا لعبادة الله وتعمير الأرض بالتوحيد وإن مات في الوباء فله الشهادة،فعَنْ أَبِي عَسِيب رضي الله عنه مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”أَتَانِي جِبْريلُ (عَلَيْهِ السَّلَام) بِالْحُمَّى وَالطَّاعُون فَأَمْسَكْت الْحُمَّى بِالْمَدِينَةِ وَأَرْسَلْت الطَّاعُون إِلَى الشَّام، فَالطَّاعُون شَهَادَة لِأُمَّتِي وَرِجْز عَلَى الْكَافِر”.

وعلى هذا يقاس وباء قيل عنه الكثير ولكنه في الحقيقة ليس سوى طاعون هذا العصر الأهوج الذي أبيد فيه الإيغور والكشمير والأحواز وأمة الإسلام صامتة، وقصف فيه الشام والعراق وليبيا وأرض سيناء وأعدم الأبرياء ظلما وجورا وأمة المليار غائبة، تنتهك الحرمات وتدنس المقدسات ويسارع ولاة أمورنا للتطبيع مع كيان محتل، تحارب الصلاة والحجاب والنقاب في حملة صليبية مستعرة وحتى في ديار الإسلام وبيننا من يصفق ويهلل، فليس وحده عام 2021 من رحل بعدما آثر أن يحمل ما خف وثقل من أرواح وقيم روحية ومُثل.

413 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *