من هو الفيلسوف بيدبا ؟

من هو الفيلسوف بيدبا ؟

بيدبا الفيلسوف

هو فيلسوف وحكيم هندي كتب مجموعة قصص في الحكمة والأخلاق وجمعها في كتاب أسماه بنجاتنترا والتي تعني الفصول الخمسة، وقد ترجم بعد ذلك إلى الفهلوية الفارسية ومن ثم إلى العربية تحت عنوان “كليلة ودمنة“، ومعظم شخصيات هذا الكتاب من الحيوانات والبهائم. كتبه بيدبا تنفيذاً لرغبة ملك هندي اسمه دبشليم الذي أراد أن يكون له كتاب قيّم تتناقله الأجيال وتتحدث عنه. يقوم بيدبا بالتمهيد لقصة بحكمة، ثم يجعل القصة تفسيراً لهذه الحكمة، كقوله: «إن الذي يعمل بالشبهة يكون قد صدق ما ينبغي أن يشك فيه…كالمرأة التي بذلت نفسها لعبدها حتى فضحها»

الحوار بين الفيلسوف بيدبا والملك دبشليم في سياق القصة الرئيسية التي انتظمت الكتاب والملخصة في عزم الفيلسوف الصابر على التصدي للحاكم الظالم وحماقاته، حتى نجح في تحقيق هدفه النبيل. وافتتحه بقصة (برزويه الطيب) الذي كان له الفضل في نسخ هذه القصة من إحدى خزائن ملوك الهند.

بيدبا و الملك دبشليم

تدور قصة “بيدبا” مع “دبشليم” في  زمن الإسكندر المقدوني، الذي اجتاح في غزواته للشرق، مع ما اجتاحه في العالم، البلاد الهندية وانتصر على مقاومة ملكها، الذي قاوم وتصدي ببسالة للإسكندر، حتى وقع صريعا، وقرر الإسكندر أن يعين على بلاد الهند واحدا من أتباعه يحكمها باسمه، قبل أن يمضي ليواصل اجتياحاته للبلاد الأخرى، لكن أهل الهند لم يعجبهم الحاكم الأجنبي، فاختاروا من بينهم “دبشليم” وجعلوه ملكا عليهم.

هذا “الدبشليم” لم يحفظ عهد رعيته وأمانة الملك، فتبدل من ملك عادل إلى طاغية جبار، يرتكب كل جرائم الحكام الفاسدين، ما دفع الفيلسوف الحكيم “بيدبا” إلى أن الذهاب إليه، وتقديم النصح لهذا الملك. وطلب الإذن بالدخول على الملك، فأذن له وهو متصور أن الفيلسوف جاءه لحاجة يطلبها، وقال له: “نظرت إليك يا بيدبا ساكنا، لا تعرض حاجتك ولا تذكر بغيتك”.

وقف “بيدبا” بين يدي الملك “دبشليم”، وسجد أمامه، ثم نهض وبقي صامتا في حضرته، ما أثار الحيرة في نفس الملك، الذي سارع بالإفساح له في الكلام، فراح يحدّث الملك بكلام قاطع حول ما آل إليه حكمه، متهما إياه بأنه ابتعد عن الحق، وبأنه طغى وبغى وأساء السيرة، موضحا أنه جاء إليه “لا ابتغاء مال أو معروف منه، بل ناصحا له ومشفقا عليه”.

غضب الملك وأمر بقتل الفيلسوف وصلبه، ثم عاد واكتفى بسجنه وتقييده.

وفي ليلة من اليالي تذكر “دبشليم” كلام الفيلسوف، وندم على ما صنعه به، وأمر رجاله بأن يأتوا به، وطلب منه الملك أن يعيد كل ما قاله دون حذف، “فجعل بيدبا ينثر كلامه، والملك مصغ إليه”، مستعذبا ما جاء فيه من صدق. وفي غضون ذلك، أمر الملك بحل قيود الأسير، وتوليته على جميع مملكته، لكن بيدبا طلب إعفاءه من هذا الأمر، وأصرّ الملك على موقفه.

تسلم الفيلسوف السلطة وحكم بالعدل والإنصاف، “ورد المظالم، ووضع سنن العدل، وأكثر من العطاء والبذل”. ومع استقرار الأوضاع في المملكة، صرف “دبشليم” همته إلى البحث في الكتب الفلسفية الهندية، وطلب من “بيدبا” أن يؤلف كتابا بليغا “يكون ظاهره سياسة العامة وتأديبها، وباطنه أخلاق الملوك وسياستها للرعية على طاعة الملك وخدمته”. فانصرف الحكيم  إلى تأليف هذا الكتاب، ليكون أشهر وأقدم كتاب سياسي وتربوي وأخلاقي، وهو “كليلة ودمنة”.

797 مشاهدة