هل الزلزال مجرد ظاهرة طبيعية؟

هل الزلزال مجرد ظاهرة طبيعية؟

الزلزال ظاهرة طبيعية تتمثل في ارتجاج الأرض بشكل مفاجئ نتيجة نشاط الصفائح التكتونية، حيث تتحرك ببطء لمدة طويلة، وعندما تتعثر حوافها يزداد الضغط فتزيد سرعتها وينجم عن ذلك إهتزازات وتصدعات على مستوى القشرة الأرضية.

هناك زلزال رئيسي وهو الذي تكون شدته كبيرة إذ تسبقه هزات أولية وتكون أقل درجة، ثم تعقبه هزات إرتدادية أخف منه قوة.

وعادة ما تخلف الزلازل دمارا هائلا، وخسائر بشرية ومادية جسيمة، مما يخلق حالة من الهلع لدى الناس، ولكن هل يكفي هذا الضرر وحده لتفسير هذا الخوف أم أن للزلزال أبعادا أخرى غير كونه مجر ظاهرة طبيعية تحمل معها تغيرات على سطح الأرض؟.

كل ما يجري في الكون لا يحدث صدفة أو عبثا، فقد قال تعالى :“أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ” (المؤمنون: 115)، فما يدور من أحداث ويطرأ من تغيرات كله من تدبير الخالق، فهو الحاكم الفعلي للعالم وشؤون الخلق، وإن كان الظاهر أن الظواهر مرتبطة بأسباب طبيعية فإن لها دلالات على النعم والعقوبات، حسب أحوال العباد إما جزاء بالإنعام والإحسان، أو بالعقوبة والبلاء كما دلت على ذلك نصوص كثيرة من القرآن الكريم.
إن التفسيرات الطبيعية كتغير المناخ بارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها وحركة الصفائح التكتونية، ودوران الكرة الأرضية مسببات لحدوث الزلزال، لكن الحقيقة الأعمق التي لا ينكرها إلا ملحد جاهل بالقدرة والإرادة الإلهية هي أن اهتزاز الأرض ما هو إلا نتيجة انتشار الفساد وارتكاب المعاصي والذنوب، وتطاول الناس على المقدسات، وهضم الحقوق وكثرة المظالم.
لا تتعارض النظريات العلمية مع الفطرة الإيمانية أبدا، لأن الدين الصحيح والعلم النافع يسيران على نهج واحد، قال تعالى :“وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” (الرعد: 4).
فكل ظاهرة طبيعية ليست مجردة وتعتمد على وسائل مادية لدراستها وتحليلها فقط، بل لها بعد آخر فسره طريق الوحي الغيبي بوضوح لأنه أدق ومنزه عن الخطأ، وفيه ما يحمل مواعظ وعبر للمؤمنين، وزجرا للمذنبين لعلهم ينتهون عن معاصيهم، فهل من معتبر؟.
أما المنكرون لهذه الحكمة الإلهية فلهم أن يجدوا ملجأ من الله لغيره، ويستعملوا مقاييسهم العلمية لإيقاف هذه الكوارث.

مظاهر الفساد وبكل أنواعه غزت بيوتنا، شوارعنا وإداراتنا، مرافقنا العامة والخاصة، لم تعد المنكرات حكرا على أماكن مشبوهة، وإن لم يقصدها المرء فهي تقصده وتلج بابه وإن أغلقه تدخل عبر نافدة الأنترنت، بل تمادى البعض بالتباهي بما يتجرؤون عليه من معاصي ويتفاخرون بالمجاهرة، وأبسط مثال على ذلك الفيديوهات المنتشرة على نطاق واسع وتدعو لكل خلق وضيع وتصرف ماجن مثل الدعوة لنصرة المثلية، أو الترويج للإباحية على أنها عصرنة وتحرر حتى في عقر ديار البلدان الإسلامية التي يعد ذلك محرما في شرعتها فضلا عن كونها مجتمعات محافظة تعتبر كل تجاوز عيبا وعارا.
أن يضرب زلزال بقوة 6 درجات وأكثر أمر علينا فهمه، ومحاولة العمل على تجنبه بالرجوع لله والاستعاذة به من غضبه، فلا ملجأ لنا منه إلا إليه، كما أن البلاء قد يكون عاما فيصيب حتى من لم يشارك في الإفساد إلا أنه رضي أو سكت عنه.
للاستقامة فوائد عديدة على الفرد ومجتمعه سواء اجتماعيا اقتصاديا سياسيا… إلخ، فاستكمال فضائل النفس والسلوك الحسن هو صلاح للوسط الذي نعيش فيه وتحقيق للامتياز علما وعملا ونجاحا دينيا ودنيويا فهل سنخسر شيئا إن استقمنا؟ ولكننا سنخسر الكثير خلاف ذلك إن لم يكن خسران كل شيء.

لعل البشر لم ينتبهوا لما حمله وباء كورونا من إنذارات فلحقته الزلازل تباعا، وما بقي لنا بين الخوف والرجاء سوى الإكثار من الاستغفار والدعاء الصادق والتضرع والتصدق لعل الله يرفع عنا البلاء، سبحانه عزيز مقتدر.

532 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *