آلية التنفيذ الإقتصادي للدكتور نوري عبد السلام بريون

مُنْذُ عدة قرون وحتى يومنا هذا، يتواصل البحث عن السلع الضرورية والخدمات ، لإشباع الحاجات الضرورية للإنسان ، علما أن الله قد نبه سيدنا آدم بقوله سبحانه وتعالى ( وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 35) سورة البقرة .

كما نبهما الله سبحانه وتعالى بأن خروجهما من الجنة سيجلب لآدم الشقاء في شكل العمل لأن سنة الحياة الدنيا لا يوجد شيء نافع بها  ، إذ قال سبحانه وتعالى (فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى 117، إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى 118، وأنك لا تظمؤُ فيها ولا تضحى 119،) سورة طه . وهذا يعني للحصول على الحاجات الرئيسة للإنسان ، فإنه لا بد من العمل والشقاء لإنتاج السلع والخدمات لغرض إشباع تلك الحاجات النافعة.

وعندما نشطت النظرية التقليدية في القرن التاسع عشر، وتوسعت ألية السوق دون الأخذ في الحسبان و التغير الإجتماعي ، وآفتراضها بمرونة ألأجور وسعر الفائدة ، وحيادية النقود مع تأثيرها الطردي في الأسعار  ، مما كانت نتائجها سلبية ، وبالتالي وجب تصويب هذه العيوب من آلية السوق وحدها.

لكن بعد ظهور نظرية كينز في الدخل والنقود وسعر الفائدة عام 1936ميلادي ، قد تم تهذيب تطرف آلية السوق بعدم حيادية النقود من جهة ، وبالأثر المتبادل بين النقود وآلأسعار في الجانبين من معادلة التبادل ( ن و=ع د ) التقليدية من جهة أخرى، وليس من جانب الأسعار فقط ، الذي تتبناه النظرية التقليدية .

حيث أن الحرف (ن) يرمز لكمية النقود، والحرف ( و) يرمز لمعدل دوران النقود ، والحرف (ع) يرمز للرقم القياسي للأسعار، والحرف (د) يرمز للدخل القومي الحقيقي بالعملة الوطنية .

أي تبنت النظرية التقليدية حيادية النقود وأثرها المباشر في إتجاه واحد ومعتدل ، أي يعني زيادة عرض النقود تؤدي إلى زيادة آلأسعار، ولكن ليس العكس ، أي أن زيادة آلأسعار ليس لها علاقة مباشرة بكمية عرض النقود ، و التطور الذي حصل في التحليل الكينزي جعل زيادة الأسعار تؤدي إلى إنخفاض كمية عرض النقود ، من خلال إنخفاض القوة الشرائية للنقود.

ذلك لأنه بارتفاع أسعار السلع والخدمات ، يزداد الطلب على آلإئتمان ، فيزداد عرض النقود بآلإقتصاد، أو من خلال ممارسة السياسة المالية التي يراها كينز أكثر فعالية من السياسة النقدية ، لأن آثارها تكاد تكون مباشرة من خلال آلإنفاق والدعم الحكومي ، أو من خلال خصم المزيد من الضرائب.

إذا أضفنا الدعائم الإقتصادية التي يقدمها الإقتصاد الليبي من خلال دعم آلأسعار بنسب كبيرة جدا ، وآلتي يقدمها آلإقتصاد آلإسلامي من خلال فريضة الزكاة والصدقات المختلفة  ، فإنه من الممكن التركيز على مقولة عنوان المقال ( آلية التنفيذ ألإقتصادي ) بمراعاة المبادئ وآلأسس الفنية لإقتصاديات المشروع من جهة ، والسياسات المالية والنقدية والتجارية من جهة أخرى، وعدالة التوزيع من جهة ثالثة.

أما آلية التي وضعته الحكومة الليبية في التخطيط إدارتنا ألإقتصادية ،  فإنها تجري على أساس الدولة الرأسمالية التي بها حكومة قوية قادرة على إدارة المؤسسات المختلفة بكفاءة ملائمة، كما فرضها آدم سميث ضمن تحليله التقليدي ، بينما نحن في ليبيا دولة نامية ومتخلفة في الغالب في التنمية البشرية ، وبالتالي ليست رشيدة في إدارت مؤسساتها، الأمر الذي يدعو إلى إدخال الإعتبار ألإجتماعي ، بتحفيز الشعب لكي يخدم نفسه بنفسه ، ويحل جزءا من المشاكل التي تواجهه مثل التضخم والنقص في السلع والخدمات الأساسية و الضرورية ، بسبب تخلفه الإقتصادي.

إذا كانت الدرجة العليا في الوطنية هي الدفاع عن الوطن بالروح والنفس، فإن هو ممارسة التقشف من أجل المحافظة على إستقرار إحتياطيات البلاد من النقد ألأجنبي ، لأنه في الوقت الحالي هو قوت الليبيين لكي لا يجوعوا من جهة ، ولأن مصدر النقد ألأجنبي في ليبيا هو النفط فقط الذي تتحكم في أسعاره الدول الغربية .

لذلك الكل يقوم بعمل حتى أقل من مستواه، لتفادي العمالة غير المهرة من أجل توفير النقد الأجنبي والاحتياطي، أو زيادة في الإنتاج والإنتاجية في السلع التصديرية، لغرض زيادة من رصيدنا من النقد الأجنبي أو زيادة الرفاهية في البلاد ، فهو يساعد أهله المواطنين، فيثاب مرتين ، أي يحصل على أجرين ، الأول هو أجره في الدنيا ، وكذلك كسب بلاده عدم دفع تكاليف العاملة الأجنبية والثاني هو ثواب الله في آلآخرة ، على أهل الوطن الذين قاموا بالنشاط الإقتصادي لتعمير الأرض ، وهم يعلمون أن الله هو الذي خلقهم لكي يعمروا الأرض ويأكلوا من مناكبها  ، نعم إن الله واسع العطاء والكرم.

إذن يجب ألا تتكرر هذه المأساة مرة أخرة ، وذلك بإنشاء بعض من الشركات الليبية ويملكها المواطنون بالكامل ، وليس تكليف شركات غير وطنية، سواء كانت شركات أجنبية أو غربية ، لكي لا يحصل مرة أخرى فراغ إقتصادي.

300 مشاهدة