من الممارسة البيداغوجية إلى ممارسة القذارة

من الممارسة البيداغوجية إلى ممارسة القذارة

حينما يتعلق الأمر بموضوع يرتبط بنساء التعليم ورجاله أجدني فاقدا لتوازن النظرة المحايدة، إن كان كانت سمة الأمر الإيجابية أهرع إلى قلمي لأنسج خيوط الشكر والمدح والامتنان، وإن كان غير ذلك أصاب بخيبة أمل كبيرة، وأفضل الازورار حتى لا أنكأ جراحا لم تتوقف يوما عن النزيف.

لا أفعل هذا بدافع تحريضي من عصبية الانتماء، ليس لهذا الموقف علاقة بانتمائي إلى الأسرة، فقد جبلت على “تقديس” أساتذتي وأنا تلميذ، واستمر هذا الطقس وأنا طالب، كنت دوما أتمثل الأستاذ إنسانا يسكن عالم المثل، ويتخذ من الكمال الأخلاقي إقامته الدائمة، لم تكن لتزحزح هذا الإيمان أخبار فضائحية موضوعها أحد أفراد الأسرة التعليمية، وغالبا ما كنت أعزي النفس بأنها حوادث معزولة لا ترقى حتى لحيازة صفة الاستثناء، وليطمئن قلبي أكثر كنت أستحضر نظرية المؤامرة، وأستل من نفسي سيفا أدافع به عن هذه الفئة بكل الوسائل والسبل حينما يتبين لي خيط القضية الأبيض من خيطها الأسود.

لكن ما حصل يومه الأحد بإحدى المؤسسات التعليمية القريبة من مدينة مراكش، حينما قرر مدير المؤسسة وضيفته التي تشغل مديرة مدرسة ابتدائية كذلك، استغلال فضاء المؤسسة لممارسة الرذيلة، ما حصل في هذا اليوم لا يمكن السكوت عنه، لأنه جريمة مركبة لها بداية، لكنها تنحدر في قاع صفصف بلا نهاية، فالجرم يرتبط بتدنيس فضاء تربوي، وتحويله إلى ماخور، وهنا أتذكر وصية كان أحد أساتذتنا يوصينا بها قائلا: “المدرسة تشبه المسجد، فلا تدخلوها إلا متوضئين”، كان توظيفه لكلمة الوضوء هنا مجازيا، يقصد به دخول المؤسسة بقلب سليم لا مكان فيه لأي تفكير منحرف.

ما يحيرنا أكثر، ويثير دهشتنا أن المديرة مسؤولة نقابية لا تتوقف عن لوك خطاب الأخلاق، وعن تشنيف الأسماع بكلمات الالتزام والانضباط والسمو، وعوض أن تجسد هذا الانضباط بالاعتكاف على تأمل نتائج تلاميذ مؤسستها، ودراسة سبل حلحلة مشاكلهم، والتخطيط للموسم الدراسي المقبل… ، عوض هذا وغير هذا اختارت إطلاق العنان للعبث الذي أوحى لها بالابتعاد عن الممارسة البيداغوجية، والانخراط في ممارسة أخرى مع شخص يقاسمها الانتماء النقابي ذاته، وربما صدحا في وقفة ما، أو في اجتماع ما بخطاب يتقطر طهرانية وسمو وتحليقا في سماوات المدينة الفاضلة، وربما أثنى الأخ على كلام الأخت، أو عبرت الأخت عن إعجابها الشديد بالموقف الشامخ للأخ، وتمنت أن يكون المسؤولون التربويون على قدرٍ من رزانته واستقامته.

أف لكما، ولعبثكما الذي دنس مؤسسة بفعل لم يصدر عن الأطفال، وقد تجردتما من وازع الدين والقانون، كان جديرا بكما أن تختارا وكرا يناسبكما، وألا تسمحا لسفالتكما بانتهاك حرمة المؤسسة التربوية التي لا تقل قداسة عن المسجد، ولست في حاجة لإعطائكما الدروس، فأنتما سليلا مدرسةٍ هذا اختصاصها.

أخيرا لابد من التنويه، إلى أننا ونحن نستنكر هذا السلوك الأرعن، لا يمكن أن نسقط لواء الاحترام والتبجيل والإجلال للأسرة التعليمية التي يمكننا أن نعد هذا النموذج السيء دخيلا عليها.

398 مشاهدة