حول ضَبْح العاديات، ومَوَران قدحها، وصُبح غاراتها، و.. و.

حول ضَبْح العاديات، ومَوَران قدحها، وصُبح غاراتها، و.. و.

من إعداد الباحث بمركز للدراسات الإنسانية والاجتماعية: عزالدين كزابر.

تقديم

أقترِب من الإعجاز العلمي في القرآن بحذر شديد، أهاجم أحياناً منه الواهي والمتهافت، وأفضح إن استطعت من هُواته تلاعباتهم والتمحكات، ولا أخشى منهم جهالاتهم والملامات، وقد نشرت في ذلك عدة مقالات.

– ولكني لا أنكر الإعجاز العلمي في القرآن في حقيقته، ولا أُفرد للإعجاز القرآني نوعاً دون نوع من الإعجازات، وأؤمن أن كلام الله تعالى حيثما يحل، له دوماً حياة، وكل ما عداه من أعمال البشر أموات؛ في لغةٍ، في علمٍ، في نظمٍ، وفيما يستجد من إبداعات.

– ولا أبدأ بطرح الإعجاز العلمي على كل بساط، ولا أدعيه في مسألة ما، وأكتفي عند الاضطرار بطرحه كتفسير علمي محتمل، لعلي أكون مخطئا. فإن علمت من نفسي فيه زلة، نسيته ولا أبالي.

– فإن استعصى التفسير المطروح على التفنيد، وعاند القرائح والتجريح، وأثبت حضوراً وكشفاً للمعاني، تأبّت على سابق التفاسير، قبلته على حذر، لعل المستقبل يفضح إشكالاته، وزيفه وبطلانه.

– فإن تآزر التفسير الجديد بالتعيين، والأدلة بالتحقيق، والمعاني بالبيان، قبلته حتى أعثر على ما هو أقوى منه، وتمسكت به على أنه من راجح العلم والبيان.

– فإن مر الزمان، وبقى التفسير الجديد ينافح عن نفسه، ويثبت أنه سيد المعان، قبلته إعجازا ولا أُماري.

طرح تفسيري لآيات العاديات

وهنا طرح تفسيري لآيات سورة العاديات:

يقول تعالى:” وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) “

فأقول: بعد حيرة مديدة، وعلى مدار عقود عديدة، لم أستطع خلالها استخلاص معنى واضح من المأثور من تفاسير آيات “العاديات”، ولا ما قاله عنها المعاصرون من بضاعة مزجاة، يغلب عليها الظنون والتوهمات.

وكنت أعلم منذ أمد بعيد بظاهرة طبيعية محددة، وأعلم يقينا أنها تحمل صفتين، لم آخذهما بجدية على أن لهما علاقة بالعاديات والصفات الخمس التي تذكرها الآيات.

ثم كان أثناء تقليب المعاني في المعاجم، أن أجريت مقابلة بين هاتين الصفتين من جهة – على ما كان يعلق في ذاكرتي منهما – وصفتين من الصفات الخمس التي ذكرتهم سورة العاديات أعلى.

وأقصد بذلك: (صفة المَوَران/الموريات) و (التحلق حول جمع محتشد/ التوسط جمعا) … فوجدت أن الصفتين متحققتان على ما يبدو في تلك الظاهرة الطبيعية!

ففرض السؤال الطبيعي الآتي نفسه عليّ:

لو أن هذه الظاهرة هي هي المقصودة بالعاديات، لكان لزاماً أن أجد باقي الصفات التي ذَكَرَتْها الآيات أيضاً متحققة؟! ….. ولم أكن أعلم حينئذ بتحققهن .

فسعيت أبحث عن الظاهرة وخصائصها. وإذ بي – وللدهشة البالغة – أجد الصفات الثلاث الأخرى متحققة بالصوت المسموع (الضَبْح)، وبالتوقيت المحدد بالقرآن للعاديات (الإغارة صباحاً)، وبصفة تشبه إثارة النقع. إضافة إلى ما كنت أعلمه من قبل من موران القدح :

وإليكم النتيجة كاملة، مسموعة ومرئية (صوت وصورة):

وإليكم بالصورة فقط مع إبداع لا مثيل له لمشهد المَوَران:

وإليكم النتيجة كاملة، مسموعة ومرئية (صوت وصورة):

https://youtube.com/watch?v=cszPz09Od6Q%3Ffeature%3Dplayer_embedded

وإليكم بالصورة فقط مع إبداع لا مثيل له لمشهد المَوَران:https://www.youtube.com/embed/fVsONlc3OUY

وإليكم مع الشرح ورؤية التوزيع الحلقي: (على ما سوف نرى من معنى التوسط جمعاً)

https://youtube.com/watch?v=eHvdZdsIZxg%3Ffeature%3Dplayer_embedded

وإليكم دقيقتين من الشرح العلمي لهيئة الأصوات وأسبابها وسماع مقطع منها.

https://youtube.com/watch?v=Zcef943eoiQ%3Ffeature%3Dplayer_embedded

وإليكم مع الشرح ورؤية التوزيع الحلقي: (على ما سوف نرى من معنى التوسط جمعاً)

https://youtube.com/watch?v=eHvdZdsIZxg%3Ffeature%3Dplayer_embedded

وإليكم دقيقتين من الشرح العلمي لهيئة الأصوات وأسبابها وسماع مقطع منها.


https://youtube.com/watch?v=Zcef943eoiQ%3Ffeature%3Dplayer_embedded

تساؤل عن تطابق الأصوات

وأتساءل: ألا تتطابق هذا الأصوات التي سمعناها بتنوعاتها مع جاء في “لسان العرب” عن الضبح؟
يقول ابن منظور في معنى (ضبح): [ضَبَحَ العُودَ بالنار يَضْبَحُه ضَبْحاً أَحرق شيئاً من أَعاليه (يقصد صوت الاشتعال بالنار أو صوت الشواء، وهنا مثال لذلك )، و ضَبَحَ الأَرنبُ والأَسودُ من الحيات والبُومُ والصَّدَى والثعلبُ والقوسُ يَضْبَحُ ضُباحاً صَوَّت (يقصد أصوات هذه الحيوانات، ويمكن سماع صوت الحية هنا، وصوت البومة هنا، ويمكن سماع صوت القوس هنا) وأَنشد أَبو حنيفة في وصف قوس: حَنَّانةٌ من نَشَمٍ أَو تَوْلَبِ تَضْبَحُ في الكَفِّ ضُباح الثَّعلبِ (يقصد صوت الثعلب، ويمكن سماعه هنا)، ونقل عن الليث قوله: “الضُّباح صوت الثعالب”، وقال: الضُّباحُ الصَّهيل وضَبَحَت الخيلُ في عَدْوِها تَضْبَحُ ضَبْحاً أَسْمَعَتْ من أَفواهها صوتاً ليس بصهيل ولا حَمْحَمَة وقيل تَضْبَحُ تَنْحِمُ وهو صوت أَنفاسها إِذا عدون،  وقال أَبو إِسحق ضَبْحُ الخيل صوت أَجوافها (وهنا مثال لذلك)، ,قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما ضَبَحَتْ دابة قط إِلا كَلْبٌ أَو فرس، وهذا مثال لضبح الكلب، وقال ابن قتيبة في حديث أَبي هريرة تَعِسَ عبدُ الدينار والدرهم الذي إِن أُعْطِيَ مَدَحَ وضَبَحَ ..  ومعنى ضَبَحَ صاح، وقيل الضَّبْحُ الخَضِيعة تُسْمَعُ من جوف الفرس وقيل الضَّبْحُ شدّةُ النَّفَس عند العَدْو وقيل هو الحَمْحَمة وقيل هو كالبَحَحِ.]

وإليكم صورة تشبه صورة النقع المُثار: (وإن كان ليس لتراب الأرض، بل لمكونات الغلاف الجوي).

حول ضَبْح العاديات، ومَوَران قدحها، وصُبح غاراتها، و.. و. 1

وإليكم ما قالته ويكيبيديا: الشفق القطبي:
ويلاحظ ما جاء في نهاية صفحة الويكيبيديا أن هذه الظاهرة تسمى في الأساطير الرومانية بإسم إلهة الفجر عندهم وإسمها أورورا، وأن هذه الإلهة – المزعومة – تُجدد نفسها كل صباح، بعبورها عبر السماء لتعلن عن وصول الشمس (ومن هنا يتأكد أنها ظاهرة تحدث فجراُ/صُبحا– لاحظ (المُغيرات صبحا)).

سؤال وجواب حول سورة العاديات

 س1: ما هي العاديات حسب هذا الطرح الجديد في التفسير؟
ج: هي عواصف شمسية من جسيمات مشحونة تهطل على اللأرض والكواكب دوما.
س2: وما هو ضبحها؟ والقدح؟
ج: الضبح هو الأصوات الناتجة عن احتكاك هذه الجسيمات المشحونة بذرات الغلاف الجوي وحتى ارتفاع يصل إلى 1000 ميل. والقدح هو الاحتكاك المسبب لصوت الضبح. 
س3: وما هو الموران (في الموريات قدحا)؟
ج: هو الأضواء الناتجة من ذرات الغلاف الجوي التي فقدت إلكتروناتها باحتكاكها (قدحها) بالأشعة الساقطة عليها من الشمس.

س4: وما هي المغيرات صبحا؟
ج: المغيرات هي العاديات إذا أغارت على الأرض في مواقع هطولها، وأن موعد ذلك يكون قبيل الصبح وأثناءه.
س5: وما هي مواقع هطولها على الأرض؟
ج: عند الدائرة القطبية الشمالية والجنوبية ومحيطهما، حيث تجتمع الأشعة كما بالصورة الآتية:

حول ضَبْح العاديات، ومَوَران قدحها، وصُبح غاراتها، و.. و. 2

س6: وما هو التوسط جمعا؟
يمكن فهمه من تجمُّع الأشعة الساقطة في المناطق القطبية من الأرض حيث يتوسط هذا التجمع تزاحم خطوط المجال المغناطيسي للأرض وسط التحلقات الموّارة (لا يُرى المجال المغناطيسي بالعين بل بأجهزة قياس اتجاهه وشدته، وهيئته كما بالصورة:

حول ضَبْح العاديات، ومَوَران قدحها، وصُبح غاراتها، و.. و. 3

وهذا التزاحم لخطوط المجال المغناطيسي يخرج من منطقة القطب الجنوبي لينتشر حول الأرض جميعاً، ويصل إلى منطقة القطب الشمالي ليتصرف داخلها. وحول هاتين المنطقتين من الأرض – أي الأقطاب المغناطيسية – تتحلق الموريات التي ترونها في الفيلم التالي، والملتقط من محطة الفضاء الدولية.

https://youtube.com/watch?v=nSw4Eg1BQu0%3Ffeature%3Dplayer_embedded


– ومثلها الكواكب الأخرى، وهذا مثال لما يحدث على كوكب زحل، كما نرى هنا:

https://youtube.com/watch?v=7AmyfuJDMlY%3Ffeature%3Dplayer_embedded

والآن أسأل القارئ الواعي (وخاصة من كان من أهل التفسير):

كيف ترون هذا الطرح الجديد من حيث كونه تفسيراً علمياً محتملاً لآيات سورة العاديات، وبعيداً عن أي ادعاء بالإعجاز العلمي في هذه المرحلة؟

ملاحظة هامة:

تم تعريب إسم هذه الظاهرة – والتي لم يكن يعلمها العرب أبداً من قبل – بإسم (الشفق القُطبي)، وهذا تعريب خاطيء بكل المعايير، فلا علاقة بين ظاهرة الشفق، وبين ظاهرة أورورا.

فلكل منهما فيزيائها الخاصة بها. وغفر الله تعالى لمن ألصق بها هذا الاسم الخاطئ! فكانت النتيجة أن يفهم منها العربي أنها نوع من أنواع الشفق، ولكنه خاص بمناطق القطبين على الأرض، وهذا خطأ.

ولئن صدق تحليلنا لهذه الظاهرة، وترجَّح أنها هي المقصودة من آيات سورة “العاديات”، فالأوْلى عندئذ أن نُسمّي هذه الظاهرة ظاهرة “الموريات”، لأنها الصفة الأشد بياناً لها.

 هذا والله تعالى أعلم.

القراءة من المصدر .

521 مشاهدة