اجعل لنفسك وردا من القرآن الكريم

اجعل لنفسك وردا من القرآن الكريم

الانشغال عن القرآن الكريم

صار الناس لا ينامون ولا يستقظون إلا على الهاتف النقال، فهو أول شيء يمسكونه صباحا وآخر شيء يضعونه ليلا، فيا ليت هذا الحال ينطبق على المصحف الذي كثيرا ما يعلوه الغبار في بيوت كثيرة، فهل هذا صواب؟

لماذا لا نحفظ القرآن الكريم ونحفظ رزما من دروس التاريخ والجغرافيا والفلسفة وهلم جر..؟، لماذا نركز ونهتم بفهم دروس الرياضيات والفيزياء والعلوم، ولا نسعى لفهم التفسير؟، لماذا نستحضر عقولنا وقلوبنا عند أحاديث السمر واللقاءات الحميمية، ولا نفعل ذلك أثناء جلسات الذكر؟، البعض يمضي ساعات طويلة من غير ضجر في مشاهدة الأفلام والمسلسلات ومباريات كرة القدم، ولا يخصص بضع دقائق لتلاوة مجموعة من الآيات.

لماذا لا تحفظ القرآن؟

ما الذي يمنعك من حفظ القرآن، الأمر عظيم ويستحق الإقبال وبالمحاولة وإعادة الكرة تلوى الأخرى، تتذلل الصعاب لاسيما مع  إن كانت النية صادقة، والتوجه لله بالدعاء لمد العون والسداد، فإن لم تفكر يوما في حفظ القرآن فاعلم أن مرضك مستعص وخطير، وإن لم تبدأ في الحفظ فماذا تنتظر؟، بَادِرْ قبل أن تُبَادَر، وستجد لذة ما بعدها لذة وراحة لا تشتريها كل أموال الدنيا.

أين أنت من وردك اليومي؟.. أين حرصك عليه من حرصك على تحصيل الراتب الشهري؟.. سعيك مأجور وأنت تسعى لكسب الرزق الحلال، فأين هو أجرك من السعي لقراءة كتاب الله وفهمه والعمل به؟ لا تتهاون أو تركن، فكل الخير والبركة في القرآن الكريم.

دائما ما نجد الأعذار والحجج الواهية، ونتعلل بعدم القدرة على حفظ القرآن الكريم وصعوبة ذلك، وإن يكن فالأمر ليس مستحيلا يحتاج فقط لعزم وإرادة، ابدأ والله يمدك بعونه، لا تفوت فرصة سرعان ما تضيع، فالعمر يمضي والوقت لا ينتظر.

فوائد حفظ القرآن

لحفظ القرآن فوائد لا تعد ولاتحصى، سواء مادية أو معنوية، لا سيما جني ثمرة الرعاية نفسية شاملة حيث ستتمتع بصفاء الصدر وراحة النفس وطمأنينتها، قوة الذاكرة وازدياد التركيز، اكتساب اليقين والقدرة على مواجهة كل مصيبة ومهما عظمت، تخطي الأزمات، استصغار الدنيا واحتقار همومها، وتحقيق السعادة الحقيقية بكل مقاييسها وألوانها. 

فضلا عن الثقة بالنفس والتمكن من معاملة الناس معاملة طيبة والتعامل معهم بوعي وكياسة.

الحب بالقرآن

  • أحبب نفسك بقراءة القرآن الكريم وتدبر آياته والعمل بها، التزم بتعاليمه وطبق أحكامه، أقبل على حلاله وابتعد عن حرامه.
  • أحبب والديك بالقرآن وكن بارا بهما في الحياة والموت، فعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما قَالَ: سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم – يقول: ” َإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ . فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ . فَيَقُولُ لَهُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا . فَيَقُولَانِ : بِمَ كُسِينَا هَذِهِ ؟ فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا”. /رواه أحمد في “المسند” (394) وابن ماجه في “السنن” (3781).

فلا تبخل على أبك وأمك بالحلل وهما من قدما لك دومن من غير انتظار مقابل. 

  • أحبب زوجتك وأحبي زوجك  وأبناءك بالقرآن الكريم من أجل أسرة سعيدة ومستقرة.
  • أحبب جيرانك وكل من حولك بالقرآن الكريم تنل محبة كل الناس وتقديرهم.
  • كن بحبك للقرآن في أعلى المنازل ،فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاس”، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ :” هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ”./ رواه ابن ماجة (215) وأحمد (11870).

لمن يريد أن يكون من أهل القرآن

من يريد أن يكون من أهل القرآن فما عليه إلا أن يسعى لذلك آناء الليل وأطراف النهار، ويحتهد في ختمه في أقل من شهر، ولا يفوت يوما واحدا من غير أن يتلو آياته حث التلاوة، وليخصص وردا يوميا يدوام عليه، ويستغل كل وقت وكل مكان للزيادة فيه.

تدبر آيات القرآن والعمل بما فيه بالتزام فرائضه وتجنب نواهييه، تبعا لتحليل حلاله وتحريم حرامه. 
ومن كرم الله تعالى أنه يحتسب أجر عبده المداوم على تلاوة القرآن في حال تعذر ذلك عليه لمرض أو سفر وغيره من الرخص، لما روى أبو مُوسَى رضي الله عنه، عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:” إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا”./ رواه البخاري.
من أراد بحق الفوز والغنيمة فعليه أن ينشغل بالقرآن الكريم عما سواه، ولا ينشغل بسواه عنه.

اللهم وفِّقنا لتلاوة القرآن الكريم، وحفظه والعمل به كما تحب وترضى، وأنت أعلم وأعلى.

 

523 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *