كثرت المواقع وغابت المنافع

كثرت المواقع وغابت المنافع

ما أكثر المواقع الإلكتروينة تكاد لا تعد ولا تحصى وعلى اختلاف اتجاهاتها وتعدد تقنياتها الرقمية الحديثة في طباعة النص والصورة تجعل المتصفح ينجذب إليها بمجرد المرور عليها فاللوان الجذابة والعناوين الرنانة تغريه بضغط زر الدخول للاستكشاف، وقد يستبشر خيرا بهذا الجمال وما ينم عن وجود ثقافة واسعة ووعي كبير ومعلومات غزيرة، ولكن سرعان ما تتبدد هذه الأفكار الراقية بالاضطلاع على المحتوى.

سرقة علمية وأدبية واضحة من غير رادع أو وازع، نسخ ونقل لأخبار مغلوطة تجعل حتى الخبر الصحيح مشكوكا في صحته، تقزيم الأخبار الهامة ونكبات العالم الاسلامي بوضعها في زاوية واحدة مع غيرها من الترهات التي لا طائل منها فهل يعقل أن يكون القصف العدواني لغزة وسوريا واليمن بحجم اختراق موقع فنان أو أقل من سرقة بيت مغنية.

بل وتحظى هذه النوعية يتفاعل كبير مشاركات وكما هائلا من التعليقات وكأن من يموتون تحت القصف ليسوا بشرا.

أي فخر لمواقع تساوي جراح الأمة بالانحلال وتعمد لملئ صفحاتها بالإشاعات والنزاعات أو قضايا الطلاق بين الفنان فلان والممثلة فلانة وغيرها من القصص التي لا طائل منها وضررها أكثر من نفعها فجلها كذب وزيف لأجل الشهرة أو للدعاية وتحقيق السكوب أو استغباء واستغفال العقول عن القضايا الأهم والأعدل.

نعم هي قضايا الحق المغلوط التي يحاول إعلام اليوم جر الناس إليها وأولها الخلافات الرياضية فهذا مدرب جاء وذاك رحل وهذا لاعب أدمج في الفريق الوطني والآخر طرد أما عن أرضية الملاعب فقد أسالت حبرا تجاوز كمية الأمطار التي تساقطت عليها، وكان الأجدر أن ينال هذا الاهتمام مستشفيات لا تختلف كثيرا عن اسطبلات الحيوانات – أعزكم الله- أم أن أمرها  لايهم لأن أصحاب القرار يعالجون في العيادات الخاصة أو حتى في الخارج عند كبار الأطباء الغربيين.

مضامين المواقع الغراء لا تفرق بين الغث والسمين ولا تهمت لدقة المعلومة وصحة الطرح، المهم أنها خليط من كل شيء لا يميز المتذوق له طعما أما عن الشكل والبناء فكأن من يكتبون بها ما فتحوا يوما كتابا لسبويه أو سمعوا عن الفراهدي وغيرهم من أعلام اللغة العربية، عيوب لغوية فادحة وكلمات عامية عربت، عدم احترام للقواعد وغياب الترابط بين الأفكار والتكرار الذي يبعث على الملل، فكيف سيسعى ذلك في رفع مستوى المتلقى إذا كانت الرسالة أصلا من غير مستوى.

إن الأهداف التجارية للمواقع غطت تماما على مصداقيتها وجعلت منها مجرد تسلية لاهتمامات من لا يهمه شيء، رغم أن الإنسان بحاجة ماسة إلى ما ينفعه من علم وعمل لا إلى كم كبير من المواقع من غير فائدة مرجوة، من حق الجميع الربح لكن ليس على حساب هدم القيم الروحية، وتشويه الموارد العلمية ودس الخطأ على أنه صحيح وغيرها من المغالطات.

489 مشاهدة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *